العاصمة الهندية مع موعد مع الضباب الدخاني.. هل يهجرها سكانها؟

العاصمة الهندية مع موعد مع الضباب الدخاني.. هل يهجرها سكانها؟

ماذا حدث؟

في نوفمبر 2025، عادت الضباب الدخاني السميك إلى نيودلهي، العاصمة الهندية، ليغطي المدينة بطبقة خانقة من الدخان والضباب، مما جعل مستويات التلوث تصل إلى “شديد الخطورة” وفقاً لمؤشر الجودة الجوية (AQI) الذي تجاوز 400 في مناطق مثل أناند فيهار وبوانا.

بدأ التدهور بعد عيد ديوالي في 20 أكتوبر، حيث أدى إطلاق الألعاب النارية إلى ارتفاع حاد في الجزيئات الدقيقة PM2.5، بالإضافة إلى حرق المحاصيل الزراعية في الولايات المجاورة وانبعاثات المركبات والصناعات.

أدى ذلك إلى إغلاق المدارس حتى الصف الخامس جزئياً، ومنع السيارات الملوثة، وإطلاق تجربة بذر السحب (cloud seeding) فاشلة لإحداث أمطار اصطناعية.

في 9 نوفمبر، اندلعت احتجاجات نادرة أمام بوابة الهند، حيث تجمع مئات النساء والأطفال مرتدين كمامات ويحملون أجهزة الاستنشاق، مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات جذرية، واعتُقل بعض المتظاهرين لعدم الحصول على تصاريح.

أدى الضباب إلى تلطيخ جدران قلعة الحمراء بالسخام الأسود، رمزاً للتدهور المستمر.

لماذا هذا مهم؟

يُعد الضباب الدخاني أزمة صحية واجتماعية تهدد 34 مليون نسمة في نيودلهي، حيث يُسبب الاستنشاق المزمن للجزيئات الدقيقة أمراضاً تنفسية، ويُقلل متوسط العمر المتوقع بـ5 إلى 10 سنوات، ويُساهم في 30% من الوفيات العالمية الناجمة عن التلوث في الهند وفقاً لتقرير “حالة الهواء العالمي 2025”.

الاحتجاجات النادرة أمام بوابة الهند تُعكس تحولاً في الوعي العام، حيث انتقل السكان من الاستسلام إلى الغضب المنظم، مطالبين بإعلان “طوارئ صحية وطنية” وإشراف المحكمة العليا على خطط مكافحة التلوث.

فشل تجربة بذر السحب (التي كلفت ملايين) يُبرز ضعف الإجراءات الرمزية مثل الرشاشات المضادة للدخان، بينما يُلقي اللوم على الحكومات المتعاقبة منذ 1996 لعدم معالجة الجذور مثل حرق المحاصيل والمركبات القديمة.

هذا الوضع يُعيق الاقتصاد، حيث يُغلق المدارس والمصانع، ويُزيد التكاليف الصحية، ويُهدد السياحة والإنتاجية، مما يُجعل نيودلهي أكثر المدن تلوثاً عالمياً للعام الثاني على التوالي.

ماذا بعد؟

مع استمرار الضباب حتى نهاية نوفمبر 2025، من المتوقع أن تُشدد الحكومة الإجراءات المؤقتة مثل خطة الاستجابة التصنيفية (GRAP)، بما في ذلك إغلاق المدارس كلياً ومنع السيارات غير المعتمدة، لكن الخبراء يُحذرون من أنها لن تُحل المشكلة دون إصلاحات جذرية مثل حظر حرق المحاصيل وتحديث المركبات.

قد تُقدّم المحكمة العليا قراراً في ديسمبر بإعلان طوارئ صحية، مما يُفرض رقابة قضائية على الخطط البيئية.

على المدى الطويل، إذا لم تُعالج الحكومة الجذور، قد يُؤدي الغضب الشعبي إلى احتجاجات أوسع في 2026، أو هجرة جماعية من المدينة، كما حدث في الصين حيث نجحت حملة بمليارات الدولارات في تقليل التلوث بنسبة 40% في بكين.

في النهاية، يُمثل الضباب الدخاني تحذيراً للحكومة: إما الإصلاح الآن أو فقدان الثقة الشعبية إلى الأبد، مع مخاطر صحية تُهدد الأجيال الجديدة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *