ماذا حدث؟
في الأسابيع الأخيرة من نوفمبر 2025، وافق المجلس الحكومي الألماني على مشروع قانون يُعيد تشكيل نظام الخدمة العسكرية في البوندسفير، مع هدف رفع عدد الجنود النشطين إلى 260 ألفاً بحلول 2035، بالإضافة إلى 200 ألف احتياطي.
المشروع، الذي يُنتظر تصويته في البرلمان (البوندستاغ) بنهاية العام، يركز على الخدمة الطوعية كأولوية، مع حوافز مثل راتب شهري يبدأ من 2600 يورو (زيادة 450 يورو عن الحالي)، ويُلزم الشباب من الذكور في سن 18 عاماً بملء استبيان يُقيّم اهتمامهم بالانضمام، وفحوصات طبية إلزامية من 2027.
إذا لم يُحقق التوجيه الطوعي الأهداف، يُسمح بالتجنيد الإلزامي “بناءً على الحاجة”، مع استثناءات للنساء إلا إذا طُلبت.
جاء هذا بعد سنوات من الإهمال الميزاني، حيث كان الإنفاق العسكري أقل من 2% من الناتج المحلي، وتعليق التجنيد في 2011، مع تخصيص 100 مليار يورو في 2022 للتحديث.
لماذا هذا مهم؟
يُمثل هذا المشروع تحولاً جذرياً في السياسة الألمانية، حيث يُنهي عقوداً من السلامية الدستورية بعد الحرب العالمية الثانية، ويُعيد ألمانيا إلى دور قيادي في الدفاع الأوروبي أمام التهديد الروسي المتصور، خاصة مع تحذير الجنرال كارستن برويور من هجوم محتمل بحلول 2029.
الخطة تُلبي هدف المستشار فريدريش ميرز ببناء “أقوى جيش تقليدي في أوروبا”، وتُعزز التزامات الناتو بزيادة الإنفاق إلى 2% من الناتج المحلي، مما يُقوّي الردع الجماعي ويُقلل الاعتماد على الولايات المتحدة.
كما يُعالج نقص الجنود الحالي (182 ألفاً فقط)، الذي أدى إلى ضعف القدرات، ويُحفّز الاقتصاد من خلال الاستثمارات في التدريب والمعدات.
ومع ذلك، يُثير جدلاً داخلياً، حيث يرفض 80% من ناخبي اليسار الإلزامي، ويزداد الطلب على الاعتراضات الضميرية إلى 3034 حالة هذا العام، مما يُعكس التوتر بين السلامية والأمن.
ماذا بعد؟
مع التصويت المتوقع بنهاية 2025، ستُفعّل الخطة في 1 يناير 2026، مع حملات توعية لجذب المتطوعين وزيادة الوعي بالفوائد المالية والمهنية.
إذا لم يُحقق الهدف، سيُطبّق التجنيد الإلزامي “باليانصيب” من 2027، مما قد يُثير احتجاجات يسارية أو دفع الشباب نحو التطرف.
على المدى المتوسط، ستُزداد القدرة التدريبية لاستيعاب 460 ألف جندي بحلول 2030، مع تعاون أوروبي محتمل يجعل النموذج الألماني قدوة لفرنسا وبريطانيا.
في النهاية، يُعيد هذا المشروع ألمانيا إلى دور محوري في الناتو، لكنه يُختبر التوازن بين الأمن والحريات المدنية في مجتمع يخشى عودة الماضي العسكري.