ماذا حدث؟
في 16 أكتوبر 2025، أعلنت جماعة الحوثيين مقتل رئيس أركان قواتها، محمد عبد الكريم الغماري، ثاني أهم شخصية بعد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في غارات إسرائيلية على صنعاء ضمن “معارك إسناد غزة”.
سبق ذلك استهداف إسرائيلي في سبتمبر 2025 قتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد الرهوي وعدداً من وزرائه.
سارعت الجماعة لتعيين اللواء يوسف المداني خلفاً للغماري للحفاظ على التماسك، لكن هذه الخسائر، إلى جانب ضربات إسرائيلية مكثفة على بنية الحوثيين العسكرية، أثارت تساؤلات حول بداية تآكل داخلي.
يرى المراقبون أن البنية القائمة على ولاءات قبلية وأمنية، مع اقتصاد حرب موازٍ، تواجه تحديات غير مسبوقة، خاصة مع انهيار حليفها السوري وزيادة الضغوط الإقليمية بعد حرب غزة.
ومع ذلك، يستبعد الخبراء انهياراً سريعاً مشابهًا لنظام الأسد، مشيرين إلى أن التآكل سيكون تدريجياً بسبب شبكة السيطرة المعقدة.
لماذا هذا مهم؟
تمثل هذه التطورات نقطة تحول محتملة للحوثيين، حيث يعتمد تماسكهم على قيادة عبد الملك الحوثي، الذي يجمع بين الرمزية الدينية والكاريزما العسكرية.
غياب شخصيات مثل الغماري يكشف هشاشة البنية القيادية، خاصة مع تنافس محتمل بين أجنحة عائلية وعسكرية.
الباحث عدنان الجبرني يرى أن غياب عبد الملك قد يؤدي إلى انهيار بنسبة 60-70%، نظراً لمركزيته في ضبط الولاءات القبلية والأمنية.
كما أن الضغوط الاقتصادية، مع أزمة إنسانية حادة حيث يحتاج 19.5 مليون يمني للمساعدة و14.5 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي، تضعف الحاضنة الاجتماعية.
احتجاجات متفرقة في صنعاء ضد قطع الرواتب وقمع المعارضين تُظهر تصدعات، بينما يعتمد الحوثيون على اقتصاد حرب من الجباية والتهريب، مما يثقل كاهل السكان. إقليمياً، تُهدد خسارة دعم إيران وسوريا قدرتهم على الصمود، مما يجعل الجماعة عرضة لضغوط عسكرية وسياسية متزايدة.
ماذا بعد؟
يحدد الخبراء خمسة سيناريوهات لمستقبل الحوثيين: فراغ قيادي يُشعل صراعات داخلية، أو صدمة عسكرية تستهدف صعدة، أو تمرد قبلي، أو إنهاك اقتصادي، أو تسوية سياسية.
الأول والثاني يعتمدان على استهداف عبد الملك أو مراكز القوة مثل صعدة، بينما يُظهر التمرد القبلي، كما في إب، هشاشة الولاءات.
الإنهاك الاقتصادي قد يُضعف الحاضنة الاجتماعية، لكنه لن يُسقط الجماعة بسرعة بسبب قبضتها الأمنية. التسوية السياسية، بدعم سعودي وأممي، تبدو الأقل كلفة، لكنها تواجه عقبة الثقة، حيث يرى الحوثيون سلاحهم ضمانة وجودية.
إذا استمر الضغط الإقليمي والداخلي، قد تتسارع وتيرة التآكل، خاصة إذا نجحت عملية عسكرية منسقة أو تصاعدت الاحتجاجات، لكن دون آليات رقابة دولية صارمة، قد تستغل الجماعة أي هدنة لإعادة تنظيم صفوفها، مما يُطيل أمد الصراع.