ماذا حدث؟
شهدت الجبهة اللبنانية-الإسرائيلية تصعيداً ملحوظاً في الأسابيع الأخيرة، خاصة في منطقة البقاع الشرقية، بعد انتهاء حرب غزة في يونيو 2025. أعلن حزب الله “حرب إسناد غزة”، مما أدى إلى غارات إسرائيلية مكثفة على مواقع الحزب، بما في ذلك معسكرات تدريب ومصانع صواريخ دقيقة في شمسطار، وجنت، والهرمل.
في 23 أكتوبر، شنت إسرائيل سلسلة ضربات جوية عنيفة على جبال البقاع، أسفرت عن مقتل أربعة لبنانيين وإصابة آخرين، واستهدفت الطريق الدولي بين بيروت ودمشق كشريان لإمدادات الحزب من إيران عبر سوريا.
وفقاً للجيش الإسرائيلي، تهدف هذه العمليات إلى منع إعادة بناء قدرات حزب الله، الذي نقل قياداته وبعض أسلحته إلى البقاع بعد الضربات السابقة.
في الوقت نفسه، أجرت إسرائيل مناورات عسكرية واسعة على الحدود، وأعلن حزب الله توقع تصعيد إسرائيلي واستعداده لرد مباشر على أي هجوم بري.
هذا التصعيد يأتي مع زيارة المبعوث الأمريكي توماس براك لبيروت، الذي حذر من “التردد” في نزع سلاح الحزب، محذراً من تحول الجنوب إلى “غزة ثانية”.
لماذا هذا مهم؟
يُعد البقاع خزاناً استراتيجياً لحزب الله، كقاعدة لوجستية لتخزين الأسلحة، تصنيع الصواريخ، ونقل الإمدادات من سوريا، مما يجعله هدفاً رئيسياً لإسرائيل لتقليص قدرات الحزب بعد خسائره في غزة.
هذا التصعيد يعكس تداخلاً بين الصراع الإقليمي والداخلي اللبناني، حيث يعتمد نفوذ الحزب السياسي في البقاع على تحالفات عشائرية شيعية، ويسيطر على مقاعد نيابية رئيسية في بعلبك-الهرمل وزحلة، مما يعيق جهود الدولة لفرض سيادتها.
كما يهدد الغارات حياة المدنيين في منطقة خصبة تاريخياً، محولة إياها إلى ساحة حرب، ويضغط على لبنان لتطبيق قرارات دولية مثل 1701 لسحب الحزب جنوب الليطاني.
أمريكياً، يعقد التصعيد خطط وقف إطلاق النار الهش، ويُظهر ضعف الضغط الدولي على إسرائيل، التي ترى في الحزب تهديداً وجودياً، بينما يستغل الحزب الولاءات المحلية لتعزيز موقفه رداً على الضغوط السورية والإقليمية.
ماذا بعد؟
مع توقعات حزب الله لتصعيد إسرائيلي قريب، قد تشهد الجبهة توغلات برية محدودة عبر جبل الشيخ لتطويق الحزب، كما حدث في مصياف السورية، مستفيدة من الجغرافيا الوعرة لكن مع ميزة دفاعية للحزب.
الضغط الأمريكي يدفع لبنان نحو آليات نزع سلاح، لكن الحزب يعرقل ذلك خوفاً من فقدان نفوذه النيابي، وقد يؤدي إلى مواجهة داخلية إذا امتد النزاع
إذا استمر التصعيد، قد يتحول البقاع إلى جبهة رئيسية، مما يُهدد الاستقرار الإقليمي ويُعيد إشعال الشرق الأوسط، شريطة عدم تدخل دولي حاسم.
ومع ذلك، قد يؤدي الضغط الداخلي والاقتصادي في لبنان إلى حوار وطني لفرض حصر السلاح، مما يُبقي الجبهة هادئة نسبياً إذا نجحت الوساطة.