هل يستطيع التصوف مواجهة التطرف في إفريقيا؟

هل يستطيع التصوف مواجهة التطرف في إفريقيا؟

ماذا حدث؟

في سياق التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجهها دول غرب إفريقيا، يبرز التصوف كقوة روحية وثقافية محتملة لمواجهة التطرف.

في قرية قرب بواكي بكوت ديفوار، يقود الشيخ لقمان كوناتيه زاوية صوفية صغيرة تجذب الشباب الذين فقدوا أحباءهم في نزاعات أو كادوا ينضمون إلى جماعات متطرفة على حدود مالي.

يركز كوناتيه على تعليم “طهارة القلب”، مقدمًا سكينة وهدفًا يعوضان الفراغ الذي تستغله الجماعات المتشددة. في السنغال، حيث ينتمي 95% من المسلمين إلى طرق صوفية مثل التيجانية والمريدية، تساهم الزوايا في استقرار اجتماعي عبر التعليم والوساطة.

هذه الجهود تأتي في ظل تمدد جماعات مثل القاعدة وداعش في الساحل، حيث يعتمد الصوفيون على شبكاتهم الاجتماعية والروحية، بدعم من مؤسسات مثل معهد محمد السادس في المغرب، الذي يخرّج أئمة أفارقة يروجون للإسلام المعتدل.

لماذا هذا مهم؟

يمثل التصوف في إفريقيا أكثر من مجرد ممارسة دينية؛ فهو يوفر فضاءات حوار وانتماء تقلل من جاذبية التطرف.

في مناطق مثل الساحل، حيث يغذي الفقر والبطالة انضمام الشباب للجماعات المتشددة، تقدم الزوايا تعليمًا ودعمًا ماديًا، كما في شمال نيجيريا حيث قلصت الطرق الصوفية نفوذ بوكو حرام.

السنغال تشهد استقرارًا نسبيًا بفضل الزوايا التي تجمع ملايين الزوار سنويًا، مولدة عائدات تموّل مشاريع تعليمية وخيرية.

المغرب، كجسر ثقافي، يعزز هذا الدور عبر برامج تكوين الأئمة، مما يجعل التصوف قوة ناعمة لمواجهة الخطاب المتشدد.

ومع ذلك، تواجه الزوايا تحديات من تمويل الجماعات المتطرفة عبر الفدية والتحويلات المشبوهة، فضلاً عن انتقادات السلفيين الذين يكفرون بعض الممارسات الصوفية، مما يبرز الحاجة إلى دعم مؤسساتي لتعزيز فعاليتها.

ماذا بعد؟

تتجه دول غرب إفريقيا نحو تعزيز دور التصوف كأداة للوقاية من التطرف، لكن ذلك يتطلب دعمًا رسميًا ودوليًا أكبر، فالزوايا بحاجة إلى تمويل مستدام وبرامج تعليمية لمنافسة الجماعات المتطرفة المنظمة.

المغرب قد يوسع دوره كمركز لتكوين الأئمة، بينما قد تستفيد دول مثل السنغال من تصدير نموذجها إلى جيرانها.

لكن التحديات تظل قائمة: الانتقادات العقائدية من السلفيين، والتأثيرات السياسية على بعض الزوايا، قد تعيق مرونتها.

دراسات تشير إلى أن معالجة الفقر والأمية ضرورية لتقليل تجنيد الشباب، مما يتطلب دمج الجهود الصوفية مع سياسات تنموية.

إذا نجحت هذه الجهود، قد تصبح الزوايا نموذجًا للاستقرار، لكن دون دعم منهجي، قد يظل التصوف قوة محدودة أمام تمدد الجماعات المتشددة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *