ماذا حدث؟
في السنوات الأخيرة، تصاعدت الطموحات لاستعمار الفضاء، مع خطط كبرى من دول مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين لإنشاء قواعد على القمر بحلول 2035، كجزء من برامج مثل “أرتميس” التابع لناسا، الذي يهدف إلى تمكين البشر من السفر إلى المريخ.
أعلن إيلون ماسك، رئيس “سبيس إكس”، في 2024 أن استعمار المريخ ممكن بحلول 2055، بهدف جعل البشرية “نوعاً متعدد الكواكب” لتجنب الانقراض.
ومع ذلك، أثار هذا نقاشاً حاداً، حيث عارض أربعة من خمسة خبراء استطلعهم موقع “ذا كونفيرسيشن” في 19 أكتوبر 2025 فكرة الاستعمار، معتبرين أن التحديات التقنية (مثل الإشعاع الكوني ونقص الموارد) والأخلاقية (مثل استغلال الكواكب) تجعلها غير مجدية أو غير مرغوبة.
شدد الخبراء على أن التركيز يجب أن يكون على استكشاف مستدام بدلاً من الاستعمار، مستشهدين بتاريخ الاستعمار الأرضي الذي تسبب في نزاعات واستغلال، كما حذرت عالمة الآثار أليس غورمان من تكرار “الاستعمارية” في الفضاء.
لماذا هذا مهم؟
يُعد النقاش حول استعمار الفضاء محورياً لأنه يطرح أسئلة أخلاقية وتقنية حول مستقبل البشرية. أهميته تكمن في أن الاستعمار قد يُوفر “خطة بديلة” للنجاة من كوارث مثل تغير المناخ (ارتفاع الحرارة 2.5 درجة بحلول 2100)، لكنه يُثير مخاوف من نقل مشكلات الأرض، كالصراعات السياسية (مثل تنافس الصين-أمريكا) واللامساواة، إلى الفضاء.
تقنياً، تُشير دراسات إلى أن تكلفة قاعدة قمرية تصل إلى 100 مليار دولار، بينما يتطلب المريخ بنية تحتية مستدامة (1 تريليون دولار بحلول 2050)، وهو ما يُثقل كاهل الاقتصادات.
أخلاقياً، يُحذر خبراء مثل بن برامبل من استغلال الموارد الفضائية، مما يُعيد صيغ استعمارية قد تُؤدي إلى نزاعات مع “شعوب فضائية” مستقبلية. بيئياً، يُهدد التعدين الفضائي بتلويث القمر (مثل النفايات الصناعية)، كما أشار آرت كوتريل.
سياسياً، يُعزز الاستعمار التنافس الجيوسياسي، حيث تُخصص الصين 20 مليار دولار سنوياً للفضاء، مما يُثير مخاوف من “سباق تسلح فضائي”.
ماذا بعد؟
مع تقدم برامج مثل “أرتميس” و”سبيس إكس”، من المتوقع إنشاء قواعد قمرية بحلول 2035، لكن التركيز قد يتحول إلى الاستكشاف المستدام بدلاً من الاستعمار، كما يقترح الخبراء.
دولياً، ستُضغط الأمم المتحدة لتطوير معاهدة فضاء جديدة (مثل معاهدة 1967) لمنع الاستغلال، مما يُعزز التعاون بدلاً من التنافس.
تقنياً، ستُواجه البعثات تحديات مثل الإشعاع (يُقلل العمر الافتراضي 5 سنوات) ونقص الأكسجين، مما يُؤخر استعمار المريخ إلى ما بعد 2060.
اقتصادياً، قد تُعيد الشركات مثل “سبيس إكس” توجيه استثماراتها (10 مليارات دولار سنوياً) نحو محطات فضائية، كما تقترح سارة ويب.
في النهاية، يعتمد المستقبل على التوازن بين الطموح والأخلاق، حيث قد يُصبح الفضاء “ملاذاً” أو يُعيد إنتاج أخطاء الأرض، مما يُشكل مصير البشرية.