الجنوب السوري.. أرض المعارك الصامتة

صداقة بعد عدواة.. ما مستقبل العلاقات السورية الإسرائيلية؟

ماذا حدث؟

منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، شهد الجنوب السوري (درعا والقنيطرة) تصعيداً إسرائيلياً مستمراً، حيث أبطلت إسرائيل اتفاق فصل القوات 1974، ووسعت سيطرتها على المنطقة العازلة في الجولان وأجزاء من القنيطرة (95% من المحافظة)، وأقامت 9 قواعد عسكرية جديدة في ريف القنيطرة، بما في ذلك قاعدة الحميدية.

وثقت منظمة مراقبة حقوق الإنسان السورية (SNHR) 200 عملية توغل برياً وجوياً في الجنوب حتى أكتوبر 2025، تغطي 600 كم²، بما في ذلك مداهمات في بيت جن (يوليو 2025) أدت إلى اعتقال 7 سوريين متهمين بالتعاون مع حماس ومصادرة أسلحة. في أكتوبر، سجل المرصد السوري 18 توغلاً شبه يومياً، مع اعتقال شخصين يحملان 5 مسدسات قرب الحدود.

نفذت إسرائيل غارات واسعة في يونيو (بعد إطلاق مقذوفات من سوريا)، وأكبر توغل في 19 مارس 2025 في قرية العدنانية بقنيطرة بـ50 مركبة، وفي أبريل ضربات في درعا ودمشق.

تبرر إسرائيل ذلك بـ”الدفاع الوقائي” ضد تهريب أسلحة إيرانية وحماس، ودعوة لتفكيك الجنوب عسكرياً. ردت سوريا بمطالبة بالعودة لـ1974 وانسحاب إسرائيلي، مع محادثات مباشرة فشلت حتى الآن.

لماذا هذا مهم؟

يُعد الجنوب السوري (درعا: مهد الثورة 2011، بوابة للأردن؛ والقنيطرة: مجاورة الجولان) محورياً استراتيجياً، حيث كان ساحة نفوذ إيراني وحزب الله وفصائل مثل داعش وحماس، مما جعله “حرب صامتة” بعد الأسد.

أهميته تكمن في أن التوغلات الإسرائيلية (أكبر منذ 1974) تعيد رسم الخريطة الأمنية، مما يُهدد سيادة سوريا الجديدة (حكومة الشرع) ويُعيق إعادة الإعمار (تكلفة 400 مليار دولار)، مع اعتقالات ومداهمات تُثير مخاوف من احتلال دائم.

إقليمياً، يُعزز التوغل الإسرائيلي الـ”دفاع الوقائي” ضد “محور المقاومة”، لكنه يُفاقم التوتر مع الأردن واللبنان، ويُعيق محادثات أمنية، كما في يونيو 2025.

اجتماعياً، يُعاني السكان (دروز، فلسطينيون) من اعتقالات تعسفية وإغلاق طرق، مما يُعيد صدمات الحرب (مليون قتيل).

دولياً، يُثير انتهاكات للقانون الدولي، مع تحذيرات قطرية وأممية من تصعيد يُعيق الاستقرار الإقليمي بعد غزة.

ماذا بعد؟

مع اقتراب اتفاق أمني محتمل برعاية أمريكية (كما أكد الشرع في سبتمبر 2025)، قد يؤدي إلى انسحاب إسرائيلي مقابل تفكيك عسكري للجنوب، مما يُعزز سيادة سوريا ويُتيح عودة سكان (ملايين نازحين).

إذا نجحت المحادثات، ستُبدأ لجان مشتركة لضبط الحدود، مما يُقلل تهريب الأسلحة ويُعيد الاستقرار، لكن الفشل يُهدد بتصعيد، خاصة مع غارات إسرائيلية مستمرة (18 في أكتوبر) ووجود فصائل متبقية (حماس، داعش).

داخلياً، قد يُعالج الشرع المنطقة عبر دمج فصائل محلية، لكن الدروز في السويداء يُطالبون بحماية، مما قد يُشعل توترات. إقليمياً، يُعزز الاستقرار السوري السلام مع الأردن واللبنان، لكن يُثير غضب إيران.

في النهاية، يعتمد مصير الوضع في الجنوب السوري على المحادثات، حيث قد يُصبح الجنوب “منطقة آمنة” إسرائيلية أو نموذجاً للسيادة السورية، مما يُحدد مسار الشرق الأوسط بعد الأسد.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *