ماذا حدث؟
مع اقتراب اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي السنوية في واشنطن من 13 إلى 18 أكتوبر 2025، يبرز خمس قضايا عالمية رئيسية أمام المؤسستين، وسط ارتفاع الرهانات الاقتصادية.
أولاً، النمو والتضخم: أظهرت بيانات حديثة مرونة الاقتصاد العالمي، مع تعديل توقعات النمو إلى 3.2% عالمياً لـ2025 (حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) و2.5% للولايات المتحدة (حسب غولدمان ساكس)، وانخفاض التضخم العالمي إلى 4.29%، لكن هذا مدفوع باستثمارات الذكاء الاصطناعي من “السبعة الرائعين” في الأسهم.
ثانياً، “الصدمة المزدوجة”: ارتفاع التعريفات الأمريكية وتصدير الصين لفائض صناعي يصل إلى 1.2 تريليون دولار، مما يضغط على الدول النامية.
ثالثاً، أزمة الأرجنتين: بعد قرض بـ20 مليار دولار في أبريل، يواجه الرئيس خافيير ميلي هزيمة انتخابية أدت إلى انهيار البيزو، رغم تحقيق فائض مالي.
رابعاً، أجندة الإدارة الأمريكية: ضغط ترامب للتركيز على المهام الأساسية، مع تقليص الإشارات إلى التغير المناخي والمساواة الجندرية، ومحاولات لإنهاء قروض البنك للصين.
خامساً، إصلاح إعادة هيكلة الديون السيادية: بناءً على “الجولة الدائرية العالمية للديون”، يُطرح تشجيع المفاوضات المتوازية بين الدائنين والمدينين.
لماذا هذا مهم؟
تأتي هذه القضايا في سياق حيوي، حيث يظل الولايات المتحدة، رغم انسحابها من منظمات دولية أخرى، ملتزمة بالبنكين البريتون وودز، مما يجعل الاجتماعات فرصة لفهم تفاعل واشنطن مع العالم.
أهميتها تكمن في مواجهة مخاطر الاقتصاد العالمي، مثل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي الذي يشكل 1.1% من نمو الناتج المحلي الأمريكي، والتعريفات التي قد تؤجج تضخماً خفيفاً مع ركود، خاصة في أمريكا حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلك إلى 2.9% في أغسطس.
كما تهدد “الصدمة المزدوجة” نموذج التصنيع للتصدير في أوروبا والأسواق الناشئة، مما يتطلب إرشادات من الصندوق لسياسات متوازنة.
أما أزمة الأرجنتين، فتمثل أكبر مخاطر تمويل للصندوق (63 مليار دولار إجمالياً)، وتختبر قدرته على تعديل شروطه للاستدامة الاجتماعية.
سياسياً، يعكس أجندة ترامب تحولاً نحو الحد من نفوذ الصين، بما في ذلك “تخرج” الدول المتوسطة الدخل من قروض البنك، مما يؤثر على الدعم للتنمية المستدامة.
أخيراً، إصلاح الديون يمكن أن يقلل التأخيرات في إعادة الهيكلة، مما يدعم الدول النامية.
ماذا بعد؟
مع انعقاد الاجتماعات، من المتوقع أن يقدم الصندوق تحليلاً مقنعاً لمخاطر التركيز الاقتصادي والتعريفات، ناصحاً الدول بسياسات وقائية ضد الركود التضخمي، رغم الرضا الحالي بالنمو.
قد يشجع الصندوق على “عودة إلى الأساسيات” في التجارة المتوازنة لمواجهة الصدمة المزدوجة، أو يلجأ إلى حلول ثانوية.
بالنسبة للأرجنتين، قد يعدل الصندوق شروطه للاستدامة الاجتماعية، مدعوماً بتبادل عملات أمريكي بـ20 مليار دولار، أو يصمد أمام الضغوط.
أجندة الإدارة الأمريكية ستختبر مدى تلبية البنكين، مع دور دانيال كاتز الجديد في الحد من نفوذ الصين.
أما إصلاح الديون، فيُتوقع تشجيع مفاوضات متوازية كوسيط نزيه لتسريع الاتفاقات.
في النهاية، ستحدد الاجتماعات كيفية تفاعل أمريكا مع المنظمات المتعددة، مما يؤثر على الاقتصاد العالمي لسنوات قادمة، وسط توقعات بمزيد من الضغوط من واشنطن.