ماذا حدث؟
في قفزة تكنولوجية غير مسبوقة، دشّنت الصين رسميًا هذا الأسبوع أول مركز تجاري لمعالجة البيانات تحت الماء في العالم، في خطوة تُجسّد طموحها لتوسيع حدود “الاقتصاد الأزرق” ودمج التكنولوجيا المتقدمة مع البنية التحتية البحرية.
مركز البيانات تحت سطح البحر
يقع المركز الجديد قبالة سواحل جزيرة هاينان، ويضم في أعماقه مقصورة ضخمة تزن نحو 1433 طنًا، أي ما يعادل وزن ألف سيارة ركاب تقريبًا، جرى تثبيتها على عمق 35 مترًا تحت سطح البحر.
وتستوعب هذه المقصورة 24 عمودًا من الخوادم بسعة إجمالية تصل إلى 500 خادم، ما يجعلها واحدة من أكثر المنشآت البحرية تطورًا في مجال معالجة البيانات.
تبريد طبيعي وكفاءة طاقية مذهلة
ويعتمد المركز على تبريد طبيعي من مياه المحيط المحيطة به، وهو ما يُقلل بشكل كبير من استهلاك الطاقة اللازمة لتبريد الخوادم.
وتشير التقديرات إلى أن هذا النوع من مراكز البيانات يمكن أن يُخفض استهلاك الكهرباء المخصصة للتبريد بنسبة تتراوح بين 40% و90%، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على خفض البصمة الكربونية وتعزيز كفاءة التشغيل.
لماذا هذا مهم؟
وتُعد هذه الخطوة مثالًا بارزًا على توجه الصين نحو حلول مستدامة وذكية، تجمع بين التقنية والبيئة البحرية، بما يرسخ مكانتها كلاعب رئيسي في سباق التكنولوجيا النظيفة عالميًا.
تجربة مايكروسوفت.. البداية كانت من الغرب
اللافت أن هذه التجربة تذكّر بمشروع سابق أطلقته شركة مايكروسوفت تحت اسم Project Natick، اختبرت خلاله 855 خادمًا قبالة سواحل اسكتلندا لمدة عامين.
ورغم نجاح التجربة تقنيًا، إلا أن الشركة الأميركية أقرت لاحقًا بعدم جدواها الاقتصادية، لتغلق المشروع نهائيًا عام 2024.
أما الصين، فبدت عازمة على المضي قدمًا في تطوير هذا النموذج التجاري، لتُصبح أول دولة تنقل فكرة “مراكز البيانات تحت الماء” من نطاق التجارب إلى مرحلة التطبيق العملي، في خطوة تؤشر إلى تحول نوعي في مستقبل صناعة البيانات عالميًا.
ماذا بعد؟
بينما يُنظر إلى مركز البيانات المغمور في هاينان كإنجاز هندسي فريد، يطرح المشروع أسئلة جديدة حول كلفة الصيانة والأمان السيبراني في البيئات البحرية، إلى جانب تأثيراته البيئية على المدى الطويل.
ومع ذلك، يرى محللون أن نجاح الصين في هذه التجربة سيفتح الباب أمام جيل جديد من مراكز البيانات المستدامة التي تعتمد على الطاقة الطبيعية، لتتحول أعماق البحار من مجرد فضاء مجهول إلى مستقبل التكنولوجيا النظيفة.