ماذا حدث؟
في تجربة مبتكرة، نجح باحثون في مطعم “ألكيميست” في كوبنهاغن، المصنف خامساً عالمياً ضمن قائمة أفضل 50 مطعماً، في صنع زبادي باستخدام النمل الأحمر الأوروبي، مستوحين ممارسة تقليدية بلغارية.
بدأت الفكرة عندما لاحظ طاهٍ أن الحليب تخثر عندما تُرك مع نملة في الثلاجة، مما دفع فريقاً من علماء الأغذية والبيولوجيين إلى استكشاف هذه الظاهرة.
في دراسة نُشرت في مجلة iScience في أكتوبر 2025، زار الباحثون قرية بلغارية لتجربة هذه الطريقة التقليدية، حيث وضعوا أربع نملات حية في وعاء حليب دافئ مغطى بقماش شاش ودفنوه داخل مستعمرة نمل.
بعد يوم، تحول الحليب إلى زبادي مبكر بنكهة لاذعة وقوام متماسك. في المختبر، أثبت النمل الحي فعالية أعلى من النمل المجمد أو المجفف، حيث أنتج أحماض اللاكتيك والأسيتيك وبكتيريا متنوعة، مما عزز عملية التخمير.
استُخدم الزبادي في أطباق مبتكرة، مثل آيس كريم “أنت-ويتش” وكوكتيل مغسول بالحليب، وحظيت بشعبية في المطعم لمدة عام.
لماذا هذا مهم؟
تُبرز هذه التجربة إمكانات التخمير التقليدي باستخدام كائنات حية مثل النمل، التي تضيف تنوعاً ميكروبياً يعزز النكهات المعقدة مقارنة بالزبادي الصناعي الذي يعتمد على نوعين فقط من بكتيريا حمض اللاكتيك.
تُظهر الدراسة كيف يمكن للممارسات التقليدية أن تلهم ابتكارات غذائية، مما يفتح آفاقاً لتطوير أطعمة صحية أكثر تنوعاً بيولوجياً.
كما تُسلط الضوء على دور الحشرات في إنتاج الغذاء، ليس فقط كمصدر بروتين، بل كعامل لتحويل الأطعمة، مما قد يُعيد تشكيل صناعة الأغذية. ومع ذلك، تُثير التجربة مخاوف بيئية، إذ يُعتبر النمل الأحمر الأوروبي شبه مهدد بالانقراض، مما يحد من إمكانية التوسع.
أيضاً، تُحذر الدراسة من المخاطر الصحية المحتملة، مثل الطفيليات التي قد يحملها النمل، مما يتطلب احتياطات صارمة مثل التصفية أثناء التخمير.
ماذا بعد؟
بدلاً من توسيع استخدام النمل مباشرة، يركز الباحثون على عزل البكتيريا المفيدة التي يحملها النمل لتطوير أساليب تخمير مستدامة دون الإضرار بالنظم البيئية.
هذا قد يؤدي إلى إنتاج زبادي غني بالميكروبات يعزز صحة الأمعاء، مما يتماشى مع التوجه نحو الأطعمة الطبيعية.
قد تُلهم هذه الدراسة أبحاثاً إضافية لاستكشاف كائنات أخرى في التخمير، مما يُحسن التنوع الغذائي ويقلل الاعتماد على الأساليب الصناعية.
في المستقبل، قد تُشجع هذه الابتكارات المطاعم والصناعات على تبني تقنيات مستوحاة من التقاليد، لكن يجب معالجة التحديات البيئية والصحية، مثل حماية الأنواع الحشرية وضمان سلامة الأغذية، لضمان استدامة هذه الممارسات.