ماذا حدث؟
شهدت الأيام الأخيرة موجة اعترافات دولية بدولة فلسطين، حيث أعلنت بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال رسمياً الاعتراف بالدولة الفلسطينية يوم 21 سبتمبر 2025، تلتها فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا في مؤتمر “حل الدولتين” الذي رعته فرنسا والسعودية في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 22 سبتمبر، مما رفع عدد الدول المعترفة إلى 153 من أصل 193 عضواً.
جاءت الاعترافات في سياق حرب غزة المستمرة، حيث أمر الجيش الإسرائيلي سكان مدينة غزة بالإخلاء جنوباً يوم 21 سبتمبر، وسط تقدم في عملية “عربات جدعون 2” التي احتلت 70% من القطاع، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف وإغلاق مستشفيين بسبب القصف.
رد نتنياهو بوصف الاعترافات “مكافأة للإرهاب”، مهدداً بـ”الرد المتبادل” عبر ضم أجزاء من الضفة الغربية، بما في ذلك 82% منها كما اقترح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وإغلاق القنصلية الفرنسية في القدس، وتوسيع الاستيطان في الضفة حيث يعيش 700 ألف مستوطن.
أعلن السفير الفلسطيني في لندن حسام زملط أن الاعتراف “تاريخي”، بينما حذر الملك عبد الله الثاني الأردني من تداعياته على الاستقرار الإقليمي، مشدداً على أن فلسطين “القضية المركزية”.
لماذا هذا مهم؟
تُمثل الاعترافات تحولاً دبلوماسياً يُعزز الشرعية الفلسطينية دولياً، حيث تُدعم 80% من أعضاء الجمعية العامة حل الدولتين، مما يُضغط على إسرائيل للتنازل عن السيطرة على الأراضي المحتلة منذ 1967، لكنها تُثير مخاوف من تصعيد إسرائيلي يُهدد بضم الضفة وإغلاق نافذة السلام نهائياً.
أهميته تكمن في أنها تأتي وسط حرب غزة التي أودت بحياة 65 ألف فلسطيني، ومجاعة معلنة، حيث يُرى الاعتراف كـ”خطوة أخلاقية” لإنقاذ الحل الدولي، لكنه يُواجه معارضة أمريكية وإسرائيلية شرسة، مع وصف نتنياهو له بـ”مكافأة للإرهاب”.
كما يُبرز التوترات الإقليمية، حيث يُحذر نبيل العتوم من أن الاعترافات قد تُشعل “موجة تصعيد دموي”، خاصة مع توسع الاستيطان وتهديدات الضم التي تُقوّض أوسلو ووادي عربة، مما يُهدد الأردن ومصر جغرافياً وديموغرافياً.
هذا الجدل يُعيد رسم التحالفات، حيث تُدعم الاعترافات من الجنوب العالمي، بينما تُعزل إسرائيل، مُفاقماً الأزمة الإنسانية ومُعيقاً الاستقرار.
ماذا بعد؟
مع انعقاد الجمعية العامة، يُتوقع أن يُؤدي الاعترافات إلى إدانات أممية أقوى، ربما بقرار يُدعم قوة استقرار في غزة، لكن رد إسرائيلي بضم أجزاء من الضفة (مثل 82% كما اقترح سموتريتش) قد يُشعل احتجاجات فلسطينية واسعة في الضفة والقدس، مُؤدياً إلى تصعيد عسكري جديد.
قد يُضغط ترامب على نتنياهو في لقائهما يوم 29 سبتمبر للتهدئة، لكن دعمه غير المشروط سيُعيق وقف النار.
على المدى الطويل، إذا استمرت الاعترافات، قد تُعزز السلطة الفلسطينية دولياً وتُجذب تمويلاً لإعادة الإعمار، لكن الضم الإسرائيلي سيُدفن حل الدولتين، مُؤدياً إلى صراع مستمر يُهدد المنطقة.
في النهاية، يعتمد الوضع على الضغط الدولي؛ فالإدانات القوية قد تُكبح إسرائيل، وإلا ستُشعل الاعترافات تصعيداً يُغيّر الشرق الأوسط.