ماذا حدث؟
في خطوة تُشير إلى تحول جذري في الخطاب الرسمي، وقّع 71 نائباً من أصل 290 في البرلمان الإيراني رسالة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي ورؤساء السلطات الثلاث يوم 22 سبتمبر 2025، يطالبون فيها بإعادة تقييم عقيدة الدفاع الإيرانية وتطوير سلاح نووي لأغراض الردع، مشيرين إلى “التغيرات في الأمن الإقليمي” وأن إسرائيل “على حافة الجنون” بسبب هجماتها غير المراعية للقانون الدولي.
أكدوا أن امتلاك القنبلة النووية “لن ينتهك فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي”، الذي حظَرَ الأسلحة النووية رسمياً منذ 2003، معتبرين أن العالم تغيّر وأن الردع النووي ضروري أمام التهديدات.
جاء هذا بعد فشل مجلس الأمن في تبني مشروع قرار يمنع تفعيل آلية “سناب باك”، التي أطلقتها الترويكا الأوروبية (بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا) في 28 أغسطس، مما يُعيد عقوبات الأمم المتحدة في 28 سبتمبر ما لم يتم التوصل إلى اتفاق.
رد نائب وزير الخارجية كاظم غريب آبادي بتحذير من تعليق التفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة، الذي سمح بتفتيش المنشآت النووية، وقال إن إيران لديها “ردود مناسبة”.
كما أكد عضو البرلمان حسين علي حاجي دليجاني أن مشروع الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) “نهائي”، بعد انتهاء مراحل المراجعة، كرد حاسم على “الإجراءات العدائية الأوروبية”.
لماذا هذا مهم؟
يُمثل التصعيد النيابي تحولاً خطيراً في السياسة الإيرانية، حيث يتحدى فتوى خامنئي لأول مرة علناً، مدفوعاً بتصعيد إسرائيلي (هجمات يونيو 2025 على منشآت نووية إيرانية) وتعثر الدبلوماسية مع الوكالة الذرية، التي أكد غروسي أن المفاوضات تمر بـ”مرحلة صعبة” رغم إمكانية حل دبلوماسي.
أهميته تكمن في أنه يُقرّب إيران من “القنبلة”، حيث يمكنها إنتاج مواد لـ12 قنبلة في أسابيع، ويُهدد بسباق تسلح نووي إقليمي مع إسرائيل، مما يُفاقم التوترات في الشرق الأوسط ويُعيق الاستقرار العالمي، خاصة مع تفعيل “سناب باك” الذي يُعيد عقوبات على التخصيب والصواريخ.
كما يُبرز انقساماً داخلياً في إيران، حيث يُرى الطلب كتكتيك تفاوضي للضغط على أوروبا، لكنه يُعزز الشكوك الغربية في نوايا طهران، التي رفعت التخصيب إلى 60%، قريباً من 90% للسلاح.
هذا التصعيد يُهدد الاقتصاد الإيراني (تضخم 40%) ويُعزز نفوذ روسيا والصين كحليفتين، مما يُغيّر التوازن الدولي.
ماذا بعد؟
مع اقتراب 28 سبتمبر، يُتوقع أن يُحسم الاتفاق في اجتماعات نيويورك الأسبوع المقبل، حيث سيلتقي الرئيس مسعود بزشكيان بنظراء أوروبيين لمناقشة “خطوات ملموسة” مثل تقليص التخصيب مقابل تأجيل العقوبات، مع إمكانية تمديد الاتفاق النووي قبل انتهاء صلاحيته في أكتوبر.
إذا نجح، قد يُعلّق البرلمان الطلب، لكن الفشل سيُفعل “سناب باك”، مما يُدفع إيران للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي وتسريع البرنامج، كرد “حاسم” على “العداء الأوروبي”.
على المدى الطويل، قد يُؤدي التصعيد إلى ضربات إسرائيلية جديدة أو حرب إقليمية، لكن الدبلوماسية الروسية-الصينية قد تُؤجّل الأزمة.
في النهاية، يعتمد على خامنئي؛ رفضه للطلب سيحافظ على الفتوى، لكن الضغط النيابي قد يُغيّر العقيدة، مما يُهدد السلام العالمي.