لبنان ينقلب على السوريين.. ما مصير المقيمين؟

لبنان ينقلب على السوريين.. ما مصير المقيمين؟

ماذا حدث؟

في تطور يعكس تغييراً جذرياً في السياسة اللبنانية تجاه السوريين، أعلن نائب رئيس الحكومة طارق متري يوم 17 سبتمبر 2025، عن إسقاط صفة “نازح” عن السوريين المقيمين في لبنان، مع تراجع أعدادهم بسبب توافر شروط العودة الآمنة إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.

أكد متري أن الأعداد العائدة في ارتفاع مستمر، مدعوماً ببرنامج عودة طوعية أممي أدى إلى عودة 300 سوري الأسبوع الماضي، مع تعبير 114 ألف آخرين عن رغبتهم في الانضمام، بالإضافة إلى إغلاق 162 ألف ملف نازح و71 ألف طلب إضافي من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية.

ستبدأ وزارة العمل بمراجعة شروط منح إجازات العمل، ثم إعادة النظر في أوضاع جميع السوريين، حيث يُمنح المتوافقون مع الشروط القانونية إجازة عمل وإقامة، بينما يُطلب من غيرهم المغادرة دون عنف.

أوضح متري أن التواصل مستمر مع الحكومة السورية الجديدة لتشجيع العودة، مع إجراءات أمنية لضبط الحدود ومنع الدخول غير الشرعي، وتشديد الرقابة على إجازات العمل مع بداية 2026.

هذا يأتي بعد خطة عودة 2025 التي أطلقت في يوليو، وأدت إلى عودة أكثر من 17 ألف سوري، مع حوافز مالية تصل إلى 500 دولار للفرد والعائلة حتى 30 سبتمبر 2025.

لماذا هذا مهم؟

يُعد هذا القرار نقطة تحول في أزمة اللاجئين السوريين، الذين يشكلون أكبر تجمع لاجئين في العالم (حوالي 1.5 مليون في لبنان)، حيث يُحول التركيز من الحماية الإنسانية إلى التنظيم القانوني، مدفوعاً بضغوط اقتصادية وسياسية داخلية.

لبنان يعاني من انهيار اقتصادي، ويُحمّل اللاجئون مسؤولية الضغط على الخدمات العامة مثل المياه والصحة والتعليم، بتكلفة سنوية تصل إلى 1.5 مليار دولار، مما أثار احتجاجات ومطالب بتشديد السياسات.

أهميته تكمن في أنه يعكس تغييراً إقليمياً بعد سقوط الأسد، حيث أصبحت سوريا أكثر أماناً للعودة، مع تعاون الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، لكن يثير مخاوف من الترحيل القسري، خاصة أن 83% من السوريين بدون إقامة قانونية بسبب تجميد تسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ 2015.

كما يُفاقم التوترات الاجتماعية، مع اتهامات للسوريين بارتكاب جرائم، ويُضعف الدعم الأممي الذي يقل بسبب التركيز على غزة، مما يهدد حقوق 715 ألف طفل سوري خارج التعليم.

ماذا بعد؟

مع تنفيذ الخطة، يُتوقع عودة 200-400 ألف سوري بحلول نهاية 2025، مدعومة بحوافز أممية وتعاون مع منظمة الهجرة الدولية، مما يقلل العدد إلى أقل من مليون، مع منح إقامة لمن يستوفي شروط العمل (حوالي 17% حالياً).

ستبدأ وزارة العمل التشديد في 2026، مع ضبط حدود لمنع الدخول غير الشرعي، وإعادة تصنيف السوريين كمقيمين اقتصاديين بدلاً من نازحين.

ومع ذلك، قد يواجه الترحيل الطوعي تحديات، حيث أبلغت هيومن رايتس ووتش عن ترحيل 1763 سورياً قسراً في النصف الأول من 2024، مع مخاطر الاعتقال في سوريا، خاصة للمعارضين.

دولياً، قد يدعم الاتحاد الأوروبي (مليار يورو في 2024) الإجراءات الأمنية، لكن يُحذر من انتهاك عدم الإعادة القسرية.

في النهاية، يُمثل هذا مصيراً مزدوجاً: فرصة للعودة الآمنة للبعض، ومخاطر للآخرين، مع الحاجة إلى تعزيز الدعم الإنساني لتجنب كارثة اجتماعية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *