ماذا حدث؟
في خطوة تحدي واضحة، أعلنت كوريا الشمالية يوم الاثنين 15 سبتمبر 2025، رفضها التام لمطالبة الولايات المتحدة بنزع أسلحتها النووية، معتبرة أن وضعها كدولة نووية “مكرس بشكل دائم” في قوانينها الأساسية و”لا رجعة فيه”.
جاء هذا الإعلان عبر بيان صادر عن بعثتها لدى الأمم المتحدة، ردًا على تصريحات أمريكية أثناء اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث وصفت واشنطن الحيازة النووية الكورية الشمالية بأنها “غير قانونية” وطالبت بنزعها.
أكد البيان أن كوريا الشمالية، التي انسحبت من الوكالة منذ أكثر من 30 عامًا بعد خلافات حول التفتيش في 1994، لن تسمح بأي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية، مشددًا على أن الوكالة “لا تملك سلطة قانونية أو تبريرًا أخلاقيًا” للتدخل في دولة خارج معاهدة حظر الانتشار النووي.
ويأتي هذا الرفض في أعقاب زيارة الزعيم كيم جونغ أون لمنشآت أبحاث الأسلحة الأسبوع الماضي، حيث أعلن أن بيونغ يانغ “ستطرح سياسة للدفع قدماً ببناء قوات نووية وقوات تقليدية في آن واحد”، مع التركيز على تحديث الجيش التقليدي إلى جانب الترسانة النووية.
هذا الموقف يعكس استمرارية السياسة الكورية الشمالية منذ فشل قمة 2019 مع الولايات المتحدة، حيث أكدت مرارًا عدم التخلي عن أسلحتها النووية.
لماذا هذا مهم؟
يُعد هذا التحدي خطوة استراتيجية تعزز من صورة كوريا الشمالية كقوة نووية “مسؤولة”، ويأتي في سياق توترات إقليمية متزايدة، خاصة بعد زيارة كيم جونغ أون لمنشآت الصواريخ والمحركات الصاروخية الجديدة في أوائل سبتمبر، والتي أشرف عليها شخصيًا لتعزيز القدرات الباليستية بعيدة المدى.
التوقيت الآني يرتبط بتغييرات جيوسياسية، مثل تعزيز التحالف مع روسيا بعد إرسال آلاف الجنود الكوريين لدعم موسكو في أوكرانيا، وموقفه البارز إلى جانب شي جين بينغ وفلاديمير بوتين في عرض عسكري صيني هذا الشهر، مما أثار غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اتهم الثلاثي بـ”التآمر ضد الولايات المتحدة”.
كما يعكس الرفض مخاوف بيونغ يانغ من “الاستفزازات الأمريكية”، مثل التمارين العسكرية المشتركة بين واشنطن وسيول، التي تراها كـ”تدريبات على الغزو”.
أهميته تكمن في تعزيز الوضع النووي كـ”رادع أبدي”، مما يقوض جهود الدبلوماسية الدولية ويرفع من مخاطر التصعيد في شبه الجزيرة الكورية، خاصة مع تأكيد كيم على تحديث القوات التقليدية، التي يُنظر إليها كدعم للنووية لمواجهة التهديدات الخارجية.
ماذا بعد؟
مع إصرار كوريا الشمالية على سياستها النووية، يُتوقع أن تعلن في اجتماع حزب العمال القادم، المتوقع في 2026، تفاصيل السياسة الجديدة لتطوير القوات النووية والتقليدية معًا، بما في ذلك اختبارات صاروخية إضافية وإنتاج محركات صلبة الوقود للصواريخ العابرة للقارات.
قد ترد الولايات المتحدة بتعزيز العقوبات أو التمارين العسكرية مع كوريا الجنوبية واليابان، مما يزيد من التوترات الإقليمية.
على الصعيد الدبلوماسي، قد يسعى كيم إلى تعميق الروابط مع روسيا والصين للحصول على دعم اقتصادي وعسكري، بينما يرفض أي حوار يشمل النزع النووي.
في النهاية، يُمثل هذا التحدي فرصة لإعادة تقييم السياسات الأمريكية تجاه بيونغ يانغ، لكن دون تغيير جذري، حيث يبدو الوضع النووي “غير قابل للعكس”، مما يهدد الاستقرار الآسيوي ويستدعي جهودًا دولية لاحتواء التصعيد قبل أن يتحول إلى أزمة أكبر.