كيف سقطت إمبراطورية حزب الله المالية؟

#image_title

ماذا حدث؟

عبر عقود، نجح حزب الله في تشييد شبكة مالية معقدة قائمة على التهريب والأنشطة غير المشروعة، أبرزها تجارة المخدرات، ما مكّنه من تمويل عملياته العسكرية والسياسية.

إلا أن التغييرات الجيوسياسية في المنطقة، لا سيما تراجع نفوذ النظام السوري، وضعته في أزمة مالية خانقة.

ومع تشديد العقوبات الدولية وتزايد الرقابة على المعابر البرية والجوية، حاول الحزب اللجوء إلى إيران للحصول على دعم مالي، إلا أن إيصال هذه الأموال إلى لبنان أصبح أكثر تعقيدًا.

ومؤخرًا، شهد مطار بيروت حادثة غير مسبوقة، حيث ضبطت السلطات مبلغ 2.5 مليون دولار بحوزة رجل قادم من تركيا، كان يُشتبه في أنه يحمل أموالًا لحزب الله.

هذا التطور جاء في سياق سلسلة إجراءات دولية تستهدف “تجفيف” منابع تمويل الحزب، مثل منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في لبنان بسبب مزاعم نقلها أموالًا للحزب، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحزب على الصمود ماليًا.

لماذا هذا مهم؟

لطالما اعتُبر حزب الله قوة مهيمنة في لبنان بفضل نفوذه السياسي والعسكري، المدعوم بميزانية سنوية ضخمة، يُقدر أنها كانت تصل إلى مليار دولار، ولكن مع تشديد الخناق عليه، بات الحزب عاجزًا عن الحصول على تمويله المعتاد، مما انعكس على رواتب مقاتليه، وشبكاته الإعلامية، وحتى قدرته على تنفيذ عمليات عسكرية واسعة.

إضافة إلى ذلك، أدت هذه الأزمة إلى فقدان الحزب السيطرة على بعض خطوطه التهريبية الرئيسية، لا سيما بعد تراجع سيطرة حلفائه في سوريا، وتعزيز الإجراءات الأمنية على المعابر اللبنانية، فضلًا عن تفكيك معامل إنتاج الكبتاغون التي كان يعتمد عليها كمصدر رئيسي للدخل.

وباتت الأزمة المالية تشكل خطرًا على الحزب ليس فقط من الناحية العسكرية، بل أيضًا من حيث ولاء عناصره، خاصة مع تزايد التذمر الداخلي في أوساطه، حيث بدأ البعض بالتخلي عن العمل معه بسبب عدم استلامهم مستحقاتهم المالية.

ماذا بعد؟

مع تضييق الخناق على الحزب، قد يلجأ إلى استراتيجيات بديلة لمحاولة البقاء، مثل توسيع نشاطاته غير المشروعة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، أو زيادة اعتماده على الاقتصاد اللبناني من خلال الشركات والمؤسسات المالية التي تخضع لنفوذه.

ومع ذلك، فإن الإجراءات الدولية المستمرة تُشير إلى أن الحزب سيواجه مستقبلًا أكثر تعقيدًا، حيث تسعى القوى الغربية والإقليمية إلى منعه من إعادة بناء إمبراطوريته المالية.

وفي ظل هذا الواقع، يواجه حزب الله تحديات وجودية قد تجبره على تقليص نشاطاته العسكرية، أو حتى إعادة النظر في استراتيجيته بالكامل، خاصة في ظل تراجع الدعم الشعبي له، نتيجة الأعباء الاقتصادية المتزايدة على اللبنانيين بسبب سياساته.

إن تهاوي التمويل التقليدي للحزب قد يكون بداية لانهيار نفوذه في لبنان والمنطقة، ما لم يتمكن من إيجاد حلول بديلة، وهو أمر يبدو صعبًا مع التغيرات الدولية الراهنة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *