آخرها إغلاق الإذاعة الوحيدة.. كيف تعيش النساء في قسوة تحت حكم طالبان؟

#image_title

كتب- محمد النجار:

في خطوة جديدة تعكس القمع المتزايد للمرأة في أفغانستان، أقدمت حركة طالبان على إغلاق إذاعة “بيجوم”، الإذاعة الوحيدة في البلاد المخصصة لتعليم ودعم النساء، وذلك بعد مداهمة مقرها في كابول.

هذه الخطوة تضاف إلى سلسلة من القيود المشددة التي فرضتها الحركة منذ سيطرتها على الحكم عام 2021، والتي تهدف إلى إقصاء النساء بشكل كامل من الحياة العامة والمجتمع.

مداهمة ومصادرة للمعدات

بحسب بيان صادر عن الإذاعة، اقتحم ضباط من وزارة الإعلام والثقافة التابعة لطالبان المقر، حيث قاموا بتقييد الموظفات أثناء تفتيش المكان، وصادروا أجهزة الكمبيوتر والأقراص الصلبة والملفات وهواتف العاملين، كما تم اعتقال موظفين اثنين من الرجال، رغم عدم شغلهما لمناصب إدارية عليا.

وفي وقت لاحق، أكدت وزارة الإعلام والثقافة تعليق عمل الإذاعة، مشيرة إلى أن القرار جاء نتيجة “انتهاكات مزعومة لسياسة البث والاستخدام غير المناسب لرخصة المحطة”، حيث اتُهمت الإذاعة بتوفير محتوى غير مصرح به لقناة تلفزيونية أجنبية لم يتم تحديد اسمها.

الوزارة أشارت إلى أنها ستقرر مستقبل الإذاعة “في الوقت المناسب”، ما يترك الباب مفتوحًا أمام إغلاقها الدائم.

إدانة دولية وإغلاق نافذة التعليم للنساء

أثار هذا القرار إدانات واسعة، حيث دعت منظمة “مراسلون بلا حدود” إلى التراجع الفوري عن هذا الإجراء، معتبرة أنه ضربة قاسية لحرية الصحافة في أفغانستان، التي تحتل المرتبة 178 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة.

كانت إذاعة “بيجوم” تبث يوميًا ست ساعات من الدروس التعليمية، بالإضافة إلى برامج في الصحة وعلم النفس والتوجيه الروحي، بهدف تمكين النساء والفتيات في ظل الحظر المفروض على تعليم الفتيات بعد الصف السادس.

كما تدير الإذاعة قنوات تقدم دروسًا عبر الإنترنت من استوديوهات في باريس، لتغطية مجموعة أوسع من الموضوعات، بما يسمح للفتيات الأفغانيات المحرومات من التعليم بالوصول إلى مواد دراسية عبر الإنترنت.

طالبان.. حكومة القمع الشامل

عندما استولت طالبان على الحكم عام 2021، حاولت تقديم نفسها كحركة أكثر اعتدالًا مقارنة بفترة حكمها في التسعينيات، ووعدت بالسماح للفتيات بمواصلة تعليمهن حتى المستوى الجامعي.

لكن سرعان ما نقضت وعودها، وبدأت في تشديد قبضتها على المجتمع الأفغاني، حيث فرضت سلسلة من القوانين التي تستهدف النساء بشكل خاص، أبرزها:

– إغلاق المدارس الثانوية أمام الفتيات.

– منع النساء من الالتحاق بالجامعات.

– حظر عمل النساء في معظم القطاعات، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة.

– فرض قيود صارمة على سفر النساء دون مرافقة رجل.

– منعهن من دخول الأماكن العامة مثل المتنزهات والصالات الرياضية.

– حظر ظهور أصوات النساء في الأماكن العامة، بما في ذلك الغناء والتلاوة والقراءة بصوت عالٍ.

مصير قاتم لحرية التعبير

تعتبر إذاعة “بيجوم” واحدة من آخر الأصوات النسائية في البلاد، لكنها لم تكن المؤسسة الإعلامية الوحيدة التي استهدفتها طالبان، إذ قامت الحركة في العام الماضي فقط بإغلاق ما لا يقل عن 12 وسيلة إعلامية، سواء كانت عامة أو خاصة.

تبدو الصورة قاتمة لمستقبل الإعلام والمرأة في أفغانستان، فمع كل قرار جديد تصدره طالبان، تتقلص المساحة المتاحة للنساء ليصبحن أكثر تهميشًا من أي وقت مضى.

مع إغلاق آخر نافذة إعلامية كانت تمنحهن صوتًا، يصبح السؤال: متى يتحرك العالم لإنقاذ النساء الأفغانيات من العزلة التامة؟

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *