عبر العصور، كانت الأسلحة تُصنع من المواد المتاحة على الأرض، ولكن في بعض الحالات النادرة، لجأ القدماء إلى مواد من خارج كوكبنا، حيث استُخدمت شظايا نيازك ساقطة من السماء لصنع أسلحة ذات طابع أسطوري.
تلك القطع الحديدية القادمة من الفضاء، التي نجت من دخولها الغلاف الجوي واحترقت قبل أن تستقر على الأرض، كانت تُجمع وتُصهر ليُصنع منها سيوف وخناجر وسهام، بعضها أصبح جزءًا من التاريخ.
إليكم سبعة من أبرز هذه الأسلحة التي حملت بين طياتها لمسة من الكون.
1- خنجر الفرعون توت عنخ آمون السماوي
في مقبرة الملك توت عنخ آمون، التي اكتُشفت عام 1925، عُثر على خنجر ملكي مزخرف، كان موضوعًا بجانب المومياء. بدا هذا الخنجر في البداية كقطعة ذهبية مرصعة بالجواهر، لكن التحاليل الحديثة باستخدام تقنية “مطياف الأشعة السينية” كشفت أن نصل الخنجر مكوّن من الحديد القادم من نيزك.
وفقًا للباحثين، فإن هذا الحديد يحمل نسبة 11% من النيكل، وهو ما يفوق بكثير نسبة النيكل في الحديد الأرضي.
يعتقد أن هذا النيزك، الذي أُطلق عليه اسم “خَرْجَة”، سقط في مكان قريب من الإسكندرية قبل أن يُستخدم لصياغة هذا السلاح الملكي.
2- خنجر إمبراطور المغول جهانكير
كان نور الدين محمد جهانكير، الذي حكم من 1605 إلى 1627، معروفًا بذوقه الرفيع في اقتناء الأسلحة.
وُجدت وثيقة تاريخية في مذكراته تروي كيف سقط نيزك من السماء وسط ضجيج مخيف، فأمر الإمبراطور بجمعه وصنع سيفين وخنجر من المعدن الناتج.
أحد هذه القطع لا يزال محفوظًا في المتحف الوطني للفنون الآسيوية، ويحمل نقشًا صغيرًا على حافته يروي قصته. هذا الخنجر كان دليلًا على القوة السماوية التي امتلكها الإمبراطور.
3- شفرات الإنويت والدورست من جرينلاند
في بيئة قاسية كجرينلاند، كان امتلاك سكين معدني أمرًا نادرًا للغاية، لكن السكان الأصليين وجدوا مصدرًا فريدًا لصنع أسلحتهم، وهو نيزك “كيب يورك”، الذي تحطم قبل 10,000 عام.
استخدمت شعوب الدورست والإنويت هذه الشظايا لصنع شفرات حادة، وكانوا يسيرون مئات الأميال لجمع الحديد السماوي.
هذه الأدوات لم تكن مجرد أسلحة، بل كانت جزءًا أساسيًا من حياتهم اليومية للصيد والدفاع.
4- فؤوس أسرة تشو في الصين
عُثر في مقبرة قديمة تعود لأسرة تشو (1050-221 ق.م) على فؤوس برونزية ذات نصل مصنوع من الحديد النيزكي.
ورغم أن الحديد كان يُعرف في الصين باسم “المعدن القبيح” مقارنة بالبرونز، إلا أن الفؤوس السماوية هذه كانت تُعتبر رموزًا للقوة الإلهية.
يعتقد أن الفؤوس لم تكن تُستخدم في القتال، بل كانت مخصصة للطقوس الجنائزية، حيث كانت ظاهرة سقوط النيازك تُعتبر فألًا حسنًا في الثقافة الصينية القديمة.
5- خناجر كريس الإندونيسية
في إندونيسيا، تُعد خناجر “كريس” أكثر من مجرد أسلحة؛ فهي تحمل رموزًا دينية وسحرية، فوفقًا للأساطير، فإن الخناجر الأقوى صُنعت من الحديد القادم من النيازك.
إحدى أشهر هذه القطع جاءت من نيزك سقط بالقرب من معبد برامبانان في القرن التاسع الميلادي.
كان الحرفيون يدمجون معدن النيزك مع الحديد العادي، ثم يُشكلونه إلى نصل متموج فريد من نوعه، ليحمل الخنجر طاقة كونية تجعله رمزًا للسلطة والقوة الروحية.
6- الخنجر الملكي من ألاتشا هويوك في تركيا
يُعتبر هذا الخنجر من أقدم الأسلحة السماوية المكتشفة، حيث يعود تاريخه إلى ما بين 2400 و2300 ق.م.
عُثر عليه في موقع ألاتشا هويوك، أحد أقدم المستوطنات في الأناضول، وكان مصنوعًا من الحديد النيزكي ومقبضه من الذهب.
المثير أن هذا الاكتشاف سبق عصر الحديد المعروف تاريخيًا، ما يجعل العلماء يتساءلون عن أصول هذا المعدن وكيف تمكن الحرفيون القدماء من صهره وتشكيله.
7- رؤوس الأسهم السويسرية
عُثر في مواقع أثرية بسويسرا على رؤوس سهام صغيرة مصنوعة من الحديد النيزكي، مما يشير إلى أن القبائل الأوروبية القديمة كانت على دراية بهذه المادة الفريدة.
كانت هذه الأسهم على الأرجح تُستخدم للصيد، لكن امتلاك سلاح مصنوع من مادة “سماوية” كان بلا شك يمنح حامله هيبة وقوة معنوية.