هل الباراسيتامول آمن على الحوامل؟

حقيقة الباراسيتامول.. هل يسبب التوحد للأجنة كما قال ترامب؟

ماذا حدث؟

كشفت دراسة واسعة النطاق أجراها باحثون من معهد كارولينسكا وجامعة دريكسل، عن عدم وجود علاقة بين استخدام الباراسيتامول (المعروف باسم تايلينول في أمريكا) أثناء الحمل وزيادة مخاطر إصابة الأطفال بالتوحد أو اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) أو الإعاقة الذهنية.

شملت الدراسة بيانات 2.5 مليون طفل وُلدوا في السويد بين 1995 و2019، وتتبعتهم لمدة تصل إلى 26 عاماً، مستخدمة سجلات الوصفات الطبية ومقابلات القابلات لتحديد استخدام الباراسيتامول (7.5% من الحوامل).

ركّزت الدراسة على مقارنة الأشقاء (45 ألف زوج)، حيث استُخدم الباراسيتامول في حمل أحدهم دون الآخر، لتقليل تأثير العوامل الجينية والبيئية.

أظهرت النتائج الأولية زيادة طفيفة في مخاطر التوحد وADHD عند تحليل عامة السكان، لكن هذه العلاقة اختفت تماماً عند مقارنة الأشقاء، مما يؤكد أن الباراسيتامول ليس السبب.

دعمت دراسة يابانية مماثلة (40% من الحوامل استخدمن الدواء) هذه النتائج، رغم الاختلافات الجينية وأنماط الاستخدام.

لماذا هذا مهم؟

تُعد هذه الدراسة رداً مباشراً على مزاعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سبتمبر 2025، التي ربطت الباراسيتامول أثناء الحمل بارتفاع معدلات التوحد، داعياً الحوامل إلى “تحمل الألم” بدلاً من استخدامه.

أهميتها تكمن في دحض هذه الادعاءات بأكبر عينة بحثية حتى الآن، مُظهرة أن العوامل المُربكة مثل الصداع النصفي أو الحمى (المرتبطة جينياً بالتوحد) هي التي تُسبب الارتباط الظاهري، وليس الدواء نفسه.

تُبرز الدراسة مخاطر الرسائل الإعلامية المثيرة للذعر، حيث يُعتبر الباراسيتامول الخيار الأكثر أماناً لتخفيف الحمى والألم أثناء الحمل، وفقاً للكلية الأمريكية لأطباء النساء وهيئة الأدوية البريطانية.

ترك الحمى دون علاج يُعرّض الأم والجنين لمضاعفات خطيرة (مثل تشوهات الجنين بنسبة 2-3%)، مما يجعل التوجيهات الطبية حاسمة.

كما تُسلط الضوء على الحاجة إلى قرارات طبية مدروسة، حيث الاستخدام المطول يتطلب استشارة طبيب، لكن الامتناع الكلي قد يُفاقم المخاطر الصحية.

ماذا بعد؟

مع هذه النتائج، ستعمل منظمات الصحة العالمية على تعزيز التوعية بأمان الباراسيتامول عند استخدامه بجرعات منخفضة حسب الحاجة، مع حملات توعية بحلول نوفمبر 2025 لمواجهة المعلومات المغلوطة.

قد تُجرى دراسات إضافية في دول أخرى (مثل الصين أو الهند) لتأكيد النتائج عبر تنوع جيني أوسع.

إذا استمر الجدل، قد تُواجه الحوامل تردداً في استخدام الدواء، مُعرّضات أنفسهن لمخاطر صحية، لكن الإرشادات الطبية ستظل تدعم الاستخدام الآمن.

 في النهاية، يعتمد الأمر على استجابة الأطباء والمجتمع؛ فتوعية قوية ستُقلل الذعر، وإلا قد تُؤدي الشائعات إلى إضرار بالصحة العامة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *