ماذا حدث؟
في خطوة أثارت موجة من الجدل الاجتماعي والسياسي، أصدرت كلية الحقوق والعلوم السياسية وكلية العلوم الاقتصادية والتصرف بجامعة تونس يوم 21 سبتمبر 2025، قراراً يفرض قيوداً على زي الطلاب داخل المؤسسات الجامعية، يحظر ارتداء السراويل الممزقة، والتنانير القصيرة، أو المبالغة في استخدام مواد التجميل، مطالبًا بالظهور بهندام “لائق” يحافظ على هيبة الجامعة.
سرعان ما انتشر الخبر على وسائل التواصل، حيث أفاد طلاب بجولات تفقدية من الإدارة أدت إلى طردهم من الدروس وتعطيل الجدول الدراسي، مما أثار احتجاجات عفوية في الكليات.
ندد المحامي منير بن صالحة بالقرار كـ”وصاية على الأجساد”، معتبرًا أنه يُركز على المظهر بدلاً من جودة التعليم، بينما أيدت الصحفية سناء الماجري القرار كـ”صائب” لجعل الجامعة “منارة علمية لا منصة أزياء”.
جاء القرار في سياق تعديلات في رزنامة السنة الجامعية 2025-2026، التي أعلنتها وزارة التعليم العالي في يوليو، مع افتتاح السنة في 2 سبتمبر للفئات الطبية و12 سبتمبر لباقي المؤسسات، مما يُشير إلى محاولة لتنظيم البيئة التعليمية مع بداية العام.
لماذا هذا مهم؟
يُعد القرار تعبيراً عن صراع ثقافي أعمق في تونس ما بعد الثورة، حيث يُرى كعودة إلى “الوصاية” على الحريات الفردية، خاصة للنساء، في بلد يُعتبر نموذجاً للعلمانية العربية منذ استقلال 1956، لكنه يواجه ضغوطاً محافظة متزايدة.
أهميته تكمن في أنه يأتي مع بداية العام الجامعي، وسط انتقادات لتراجع جودة التعليم (بطالة الخريجين 18%) وضعف البنية التحتية، مما يُحوّل التركيز من المشكلات الأكاديمية إلى المظهر، ويُثير مخاوف من تطبيع التمييز الجنسي في المجتمع التونسي الذي يشهد توترات بين التقاليد والحداثة.
كما يُعكس تأثير السياق الإقليمي، مثل حملات محافظة في دول مجاورة، ويُقسم الرأي العام بين مؤيدين يرونه ضرورياً لـ”هيبة الجامعة” ومعارضين يرونه انتهاكاً لحقوق الإنسان، مما يُعزز الجدل حول دور الجامعات كمساحات حرية أم رقابة.
هذا الجدل يُبرز أيضاً ضعف الإصلاحات التعليمية، حيث يُطالب الطلاب بتحسين المناهج بدلاً من التركيز على “الأزياء”، مما يُهدد الاستقرار الاجتماعي في تونس التي تواجه أزمات اقتصادية.
ماذا بعد؟
مع انتشار الاحتجاجات، يُتوقع أن تُواجه الجامعات ضغوطاً لمراجعة القرار، ربما عبر حوار مع الطلاب والنقابات، لكن الإدارات قد تُصر على التنفيذ لفرض “الانضباط”، مما يُؤدي إلى إضرابات أو دعاوى قضائية أمام المحاكم الإدارية.
على المستوى الوطني، قد تُصدر وزارة التعليم توجيهاً عاماً يُنظم الزي في جميع الجامعات، لكن ذلك يُثير جدلاً أكبر، خاصة مع اقتراب الانتخابات المحلية.
على المدى الطويل، إذا نجح القرار، قد يُعزز الثقافة المحافظة في التعليم، مما يُبعد الشباب عن الجامعات، لكن الفشل سيُعيد التركيز على الإصلاحات الأكاديمية، مثل تحسين البحث العلمي.
في النهاية، يعتمد على رد الطلاب؛ احتجاجات واسعة قد تُلغي القرار، وإلا سيُصبح رمزاً للتراجع عن الحريات في تونس الحديثة.