مضغ العلكة.. عادة يومية تهدد النظام البيئي

مضغ العلكة

في كل مرة نمضغ فيها علكة، قد نكون، دون علم، نساهم في كارثة بيئية صامتة.

تكشف أبحاث حديثة أن علكة المضغ، التي تُصنع من مواد بلاستيكية اصطناعية مشابهة لتلك المستخدمة في إطارات السيارات، ليست مجرد نفايات عابرة، بل مصدر تلوث بلاستيكي خطير يهدد البيئة.. فما الذي يحدث، ولماذا يجب أن نهتم، وكيف يمكننا مواجهة هذه الأزمة؟

ماذا حدث؟

تُنتج صناعة علكة المضغ، التي تُقدر قيمتها بـ48.68 مليار دولار في 2025، حوالي 1.74 تريليون قطعة سنويًا، بإجمالي 2.436 مليون طن، منها 730 ألف طن من “القاعدة الصمغية” الاصطناعية، وفقًا لتقديرات عالمية.

هذه القاعدة، التي تُشكل ثلث وزن العلكة، تتكون من مواد بلاستيكية مثل الستايرين-بيوتادايين (مستخدم في الإطارات) والبولي إيثيلين (مستخدم في الأكياس البلاستيكية) والبولي فينيل أسيتات (غراء الخشب).

لا تتحلل هذه المواد بيولوجيًا، بل تتصلب وتتفتت إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة تظل في البيئة لعقود.

في المملكة المتحدة، تُكلف إزالة العلكة الملتصقة بالأرصفة والمقاعد حوالي 7 ملايين جنيه إسترليني سنويًا، بمتوسط 1.5 جنيه للمتر المربع.

رغم جهود مثل “فرقة العمل ضد نفايات العلكة”، التي استثمرت شركات كبرى مثل Wrigley ما يصل إلى 10 ملايين جنيه للتنظيف، فإن هذه المبادرات تتجاهل السبب الجذري: العلكة نفسها تلوث بلاستيكي.

لماذا هذا مهم؟

العلكة ليست مجرد مشكلة نظافة عامة، بل تهديد بيئي يُضاف إلى أزمة التلوث البلاستيكي العالمي.

يُطلق العالم سنويًا ملايين الأطنان من البلاستيك إلى البيئة، وتُسهم العلكة بنصيب كبير عبر 730 ألف طن من المواد غير القابلة للتحلل.

هذه الجزيئات الدقيقة، التي تنتج عن تحلل العلكة، تتسرب إلى التربة والمياه، مهددة الحياة البحرية والنظم البيئية.

كما أن جهود التنظيف، رغم كلفتها الباهظة، لا تعالج سوى الأعراض، حيث يُعامل التلوث كـ”نفايات” بدلاً من مصدر تلوث يتطلب حلولًا جذرية.

ثلاث شركات، بقيادة Wrigley، تسيطر على 75% من السوق العالمية، لكنها تتجنب الشفافية بشأن مكونات العلكة، مما يُصعب على المستهلكين اتخاذ خيارات واعية.

هذا الوضع يُبرز فجوة المسؤولية بين المنتجين والمستهلكين، حيث تُلقى اللوم على الأفراد بينما تتفادى الشركات إصلاحات جوهرية.

ماذا بعد؟

مواجهة تلوث العلكة تتطلب نهجًا شاملاً يبدأ بالتوعية وينتهي بالتشريعات.

أولاً، يجب تثقيف الناس حول الطبيعة البلاستيكية للعلكة وآثارها البيئية لتقليل الاستهلاك وتشجيع التخلص المسؤول.

ثانيًا، ينبغي فرض تشريعات صارمة تُلزم المنتجين بالكشف عن مكونات القاعدة الصمغية، مع فرض ضرائب على العلكة الاصطناعية لتمويل التنظيف ودعم البدائل النباتية.

ثالثًا، يتعين على الحكومات تشجيع الابتكار في إنتاج علكة مستدامة، مثل تلك المصنوعة من مواد طبيعية قابلة للتحلل.

على المستوى الفردي، يمكن للمستهلكين تقليل اعتمادهم على العلكة والضغط على المجالس المحلية لتشديد العقوبات على التلوث.

إذا استمر الوضع الراهن، ستواصل العلكة تسميم البيئة بصمت، لكن بتحرك جماعي، يمكن تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لإعادة التفكير في استهلاكنا للبلاستيك.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *