قطعة صغيرة، لا يتجاوز ارتفاعها 8.3 سنتيمترات، استحوذت على الأنظار في صالة مزادات سوثبيز النيويوركية وأشعلت معركة مزايدات محمومة في عام 2007.
“لبؤة غوينول”، تمثال يعود إلى 5000 عام، يُعد تحفة فنية من العصر البروتو-إيلامي، وأغلى قطعة أثرية قديمة تُباع في التاريخ.
بمبلغ خيالي بلغ 57.2 مليون دولار (ما يعادل 88 مليون دولار اليوم)، اشتراها جامع بريطاني مجهول، لتسجل رقمًا قياسيًا كأعلى سعر مدفوع لنحت في مزاد حتى ذلك الحين.
لكن ما الذي يجعل هذا التمثال الصغير بهذه القيمة؟ وما قصته التي تأسر المؤرخين وهواة الجمع على حد سواء؟
قصة القطعة
التمثال منحوت من الحجر الجيري الأبيض، ويجمع بين رأس أسد بتفاصيل دقيقة وجسم يبدو بشريًا أكثر منه حيوانيًا.
وصفته سوثبيز بأنه “تصور قوي ومفهوم ضخم”، حيث يظهر التمثال وكأن اللبؤة تتقدم بخطوة واثقة، ذراعاها مضمومتان على البطن، وعيناها واسعتان تحملان نظرة قوية.
ثقوب في ظهره تشير إلى إضافة ذيل، وثقبان في رأسه يوحيان بأنه ربما كان تعويذة تُعلق حول عنق شخصية بارزة في العالم القديم.
يُعتقد أن اللبؤة رمز للقوة والخصوبة، مرتبطة بصورتها الفلكية التي تتألق في موسم التزاوج الصيفي، لكن غموضها يكمن في أسرار لم تُكشف بعد، فهي تحمل رسائل خفية قد لا نفهمها أبدًا.
حضارة البروتو-إيلاميين
التمثال ينحدر من حضارة البروتو-إيلاميين، والمعروفة أيضًا بحضارة عيلام، التي ازدهرت فيما يُعرف اليوم بإيران، وهي حضارة اشتهرت بنظام كتابتها المعقد ونحتها الرائع لتماثيل حيوانية مثل الماعز المستلقية والثور الراكع.
يُقال إن “لبؤة غوينول” عُثر عليها قرب بغداد، لكن هذه المعلومة غير مؤكدة، خصوصًا ان مسارها إلى سوق الفن غامض، مع شكوك حول صفقات مشبوهة.
بحلول 1931، حصل عليه تاجر الأعمال الفنية جوزيف برومر في نيويورك، ثم انتقل في 1948 إلى آلاستير وإديث مارتن، وهما جامعان أمريكيان من أصول ويلزية.
اسم “غوينول” مستمد من كلمة ويلزية تعني “مارتن”، تكريمًا لعائلة المالكين، فعلى الرغم من كونه ملكية خاصة، ظل التمثال معروضًا في متحف بروكلين لما يقرب من 60 عامًا، حيث عمل آلاستير كأمين ومدير مجلس إدارته، مما سمح للجمهور بمشاهدة هذا العمل الفني الاستثنائي.
بيع التمثال
في 2007، قررت عائلة مارتن، عبر مؤسستهم الخيرية، بيع التمثال.
توقع الخبراء أن يصل سعره إلى 14-18 مليون دولار، لكن المزاد تجاوز كل التوقعات، لكن خمسة مزايدين، ثلاثة عبر الهاتف واثنان في القاعة، تنافسوا بشراسة.
عندما وصلت المزايدة إلى 27 مليون دولار، دخل مزايد جديد، وقاد معركة شرسة حتى استقر السعر عند 57.2 مليون دولار.
هذا الرقم تجاوز الرقم القياسي السابق لنحت بيكاسو “رأس امرأة” (29.2 مليون دولار) ولقطعة أثرية رومانية برونزية (28.6 مليون دولار).
لكن في 2010، تفوق تمثال “الرجل السائر” لجياكوميتي بسعر 104.3 مليون دولار كأغلى نحت في المزادات.