ماذا حدث؟
في مارس 2025، قام المؤثر الأمريكي الشهير “آي شو سبيد”، واسمه الحقيقي دارين واتكينز جونيور، ببث جولات مباشرة طويلة في مدن صينية مثل بكين وشنغهاي، مُظهرًا جمالها لما يقرب من 40 مليون متابع.
أشاد سبيد بالشوارع النظيفة، وكرم السكان، وسرعة الإنترنت في مترو الأنفاق، بينما احتشد معجبون صينيون حوله عند سور الصين العظيم.
استغلت وسائل الإعلام الحكومية الصينية هذا الحدث، معتبرة أن المؤثر “محا الدعاية الغربية” عن الصين.
في الوقت نفسه، حطم فيلم الرسوم المتحركة الصيني “ني تشا 2” أرقامًا قياسية في يناير 2025، محققًا 2 مليار دولار عالميًا، متفوقًا على إنتاجات هوليوود.
كما تصدرت لعبة الفيديو الصينية “بلاك ميث: ووكونغ”، المستندة إلى أساطير “رحلة إلى الغرب”، اهتمام اللاعبين عالميًا في 2024.
ومع استمرار تيك توك، المملوك لشركة صينية، في جذب 1.6 مليار مستخدم شهريًا، تُظهر الصين تفوقًا متزايدًا في نشر ثقافتها الشعبية.
لماذا هذا مهم؟
تُبرز هذه التطورات صعود الصين كقوة ناعمة، مستغلة الثقافة الشعبية لتشكيل تصورات الشباب العالمي.
القوة الناعمة، وفقًا لجوزيف ناي، هي التأثير عبر الجاذبية الثقافية بدلاً من الإكراه.
في الماضي، هيمنت الولايات المتحدة على هذا المجال بموسيقى الروك وأفلام هوليوود، لكن الصين تنافس الآن بشراسة.
نجاح “ني تشا 2″ و”بلاك ميث: ووكونغ” يُظهر قدرة الصين على تصدير أساطيرها، جاعلةً شخصيات مثل الملك القرد رمزًا عالميًا ينافس أبطال مارفل.
أما تيك توك، بوصفها منصة صينية، تخلق فضاءً ثقافيًا عابرًا للحدود، يجذب الملايين إلى عالم تصممه بكين.
هذا التحول يُهدد الهيمنة الثقافية الأمريكية، خاصة مع تراجع الولايات المتحدة في الاستثمار بالدبلوماسية العامة، بينما توسع الصين نفوذها عبر مبادرة الحزام والطريق وتطوير جامعاتها.
استهداف الشباب العالمي يعكس استراتيجية طويلة الأمد لإعادة صياغة الرواية العالمية لصالح الصين.
ماذا بعد؟
ستواصل الصين تعزيز قوتها الناعمة عبر استثمارات ضخمة في صناعاتها الإبداعية، مع إنتاج المزيد من الأفلام والألعاب التي تروج لثقافتها الأسطورية.
منصات مثل تيك توك ستبقى ساحة رئيسية لتأثير الشباب، مما قد يدفع الولايات المتحدة إلى تشديد محاولات حظرها أو تقييدها، رغم الصعوبات السياسية.
نجاح الصين ليس مضمونًا؛ فالنظام الاستبدادي قد يحد من جاذبيتها في الديمقراطيات، والشكوك حول نواياها قد تقاوم انتشار ثقافتها.
على الجانب الآخر، تحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية جديدة لاستعادة تفوقها الثقافي، ربما عبر دعم الصناعات الإبداعية وزيادة التبادلات الثقافية، حيث سيعتمد الصراع على قدرة كل طرف على كسب عقول الجيل القادم.