كتب غيرت العالم بعد وفاة مؤلفيها

كتب- محمد النجار:

من إميلي ديكنسون إلى جورج أورويل، ومن زوراء نيل هيرستون إلى فرانز كافكا، هناك العديد من الكتاب الذين لم يتنعموا بشهرتهم إلا بعد وفاتهم، فكتبهم التي كانت ملهمة ورائدة بقيت حبيسة الأدراج، حتى جاء وقت لاحق ليكتشف العالم عظمة ما تركوه وراءهم.

هؤلاء الكتاب العظماء عاشوا بين خيبات الأمل، ثم جاء اليوم الذي جعل من أعمالهم علامات بارزة في تاريخ الأدب العالمي.

في عالم الأدب، كثيرًا ما يحلم الكتاب بالشهرة والتقدير خلال حياتهم، لكن هناك العديد من العقول المبدعة التي لم تجد التقدير الذي تستحقه إلا بعد وفاتها، لتصبح أعمالهم أيقونات ثقافية، وتتردد أسماؤهم عبر الأجيال.

جون كينيدي تول.. “اتحاد الحمقى”

من بين هؤلاء الكتاب، نجد جون كينيدي تول، الذي كتب روايته الشهيرة اتحاد الحمقى (A Confederacy of Dunces)، والتي تعتبر واحدة من أعظم الروايات الأمريكية الحديثة.

كتب تول هذه الرواية التي تتناول شخصية بروفيسور فاشل في نيو أورلينز، ولم يتخيل في يوم من الأيام أنها ستصبح من أعظم الأعمال الأدبية بعد موته.

بعد سنوات من الرفض من دور النشر، انتهت حياته بالانتحار عن عمر يناهز 31 عامًا، دون أن يرى روايته تحقق النجاح الذي تستحقه، إلا أن والدته لم تيأس، وظلت تسعى لتقديم الرواية لدور نشر أخرى حتى تم قبولها في عام 1980، ليتم منحها جائزة بوليتزر في العام التالي.

جورج أورويل.. 1984

أما جورج أورويل، الذي كان يعاني من مرض السل في أيامه الأخيرة، فقد كتب روايته الشهيرة 1984 في عزلة، في أحد الأكواخ النائية في اسكتلندا.

لم يعش أورويل طويلًا بعد نشر الكتاب في عام 1949، إذ توفي بعد ستة أشهر فقط، لكن ما لم يعرفه هو أن هذه الرواية ستكون محورية في تشكيل الثقافة الحديثة.

اليوم، تعتبر 1984 من أكثر الكتب تأثيرًا في فهم السياسة العالمية، خاصة فيما يتعلق بمفاهيم مثل الدعاية، والمراقبة، وحكم الدولة الشمولي.

هربرت ميلفيل: موبي ديك

في القرن التاسع عشر، كتب هيرمان ميلفيل موبي ديك، تلك الرواية الملحمية عن مطاردة حوت أبيض ضخم.

على الرغم من أنها تعتبر الآن من أروع الأعمال الأدبية الأمريكية، إلا أن الرواية لم تحظَ بالتقدير في حياة ميلفيل، وكان قد عاش حياةً فقيرة ومظلومة حتى توفي في عام 1891.

لم يدرك ميلفيل أبدًا أن موبي ديك ستصبح من أعظم الروايات التي يتم تدارسها في الجامعات، وستحظى بمكانة مرموقة في الأدب الأمريكي بعد مرور عقود على وفاته.

زوراء نيل هيرستون.. “عينيّ كانوا يراقبون الله”

كانت زوراء نيل هيرستون، المؤلفة الشهيرة التي كتبَت عينيّ كانوا يراقبون الله (Their Eyes Were Watching God)، إحدى أولى الروائيات التي سلطت الضوء على قضايا المرأة في الأدب الأمريكي.

ورغم أن الرواية لم تحقق نجاحًا كبيرًا عند نشرها عام 1937، فإن اسم هيرستون لم يُذكر بين كبار الكتاب إلا بعد وفاتها.

في السبعينات، ساهمت الكاتبة أليس ووكر في إعادة إحياء ذكرى هيرستون من خلال مقالها الشهير “البحث عن زوراء”، ليتم أخيرًا تقديرها باعتبارها إحدى أعظم الكتاب في الأدب الأمريكي.

إميلي ديكنسون.. شاعرة العصر المفقودة

إميلي ديكنسون، التي عاشت حياة انطوائية مليئة بالغموض، كانت واحدة من أعظم شعراء أمريكا في القرن التاسع عشر، حيث كتبت أكثر من 1800 قصيدة، لكن لم تُنشر أي منها أثناء حياتها.

بعد وفاتها، اكتشفت شقيقتها القصائد التي كانت مخبأة في الأدراج، ومن ثم بدأت شهرتها في الانتشار.

اليوم، تُعتبر ديكنسون من أكثر الشعراء تأثيرًا في الأدب الأمريكي، حيث تتناول في قصائدها قضايا مثل الحب، والوحدة، والموت، والمكانة في المجتمع.

هؤلاء الكتاب، الذين لم يتمكنوا من مشاهدة أعمالهم تحقق الشهرة في حياتهم، أظهروا أن الفنون الحقيقية لا تموت بعد وفاة صاحبها،  بل إنها تصبح خالدة، تُلهِم الأجيال وتغير العالم بمرور الزمن.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *