تصفح الإنترنت اليوم يعني مواجهة لا مفر منها لنوافذ منبثقة تسألك: “قبول جميع ملفات تعريف الارتباط” أم “رفض الكل”؟.
هذه النوافذ، التي تُثير الإزعاج وتدفع الكثيرين للنقر بسرعة للتخلص منها، تخفي خيارًا يؤثر على خصوصيتك الرقمية.
فما هي ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز)، ولماذا تُطاردنا، وأي خيار يجب أن تختار؟
ملفات تعريف الارتباط
ملفات تعريف الارتباط هي ملفات صغيرة تُخزنها المواقع على جهازك لتحسين تجربتك.
تخيل أنها بطاقات ذاكرة رقمية: تحتفظ بمعلومات مثل تسجيل دخولك، تفضيلاتك في الأخبار، أو حتى المنتجات التي تصفحتها في متجر إلكتروني.
هناك نوعان رئيسيان: ملفات مؤقتة تُحذف عند إغلاق المتصفح، مثل تتبع سلة التسوق، وملفات دائمة تُخزن لسنوات لتذكر إعداداتك.
لكن هذه الملفات ليست بريئة دائمًا؛ فالمعلنون يستخدمونها لتتبع سلوكك عبر المواقع، مكونين ملفًا شخصيًا لاستهدافك بإعلانات مخصصة.
الأساسية وغير الأساسية
النوافذ المنبثقة تُخبرك عادةً أن الموقع يستخدم ملفات “أساسية” ضرورية لعمله، مثل إتمام عملية شراء، ولا يمكنك رفضها.
لكن ملفات “غير الأساسية” – مثل تلك التي تُخصص تجربتك، وتُحلل زياراتك، أو تُغذي الإعلانات – تخضع لاختيارك.
اختيار “قبول الكل” يمنح الموقع حرية استخدام جميع الملفات، مما يُثري تجربتك بميزات مثل الإعلانات المخصصة، لكنه يسمح لأطراف ثالثة، مثل إعلانات جوجل، بتتبعك عبر مواقع وأجهزة متعددة.
أما “رفض الكل” فيحد من الملفات إلى الأساسية فقط، مما يُقلل من التخصيص ويُعيق بعض المحتوى الخارجي، لكنه يحمي خصوصيتك.
هذه النوافذ موجودة بفضل قانون حماية البيانات الأوروبي (GDPR) لعام 2018، الذي يُلزم المواقع بالحصول على موافقتك على الملفات التي تُعرفك كبيانات شخصية، مع ضمان إعلامك بما تُتتبع، تخزين موافقتك، وإتاحة سحبها بسهولة.
حتى المواقع خارج الاتحاد الأوروبي تتبنى هذه القواعد لتجنب المخالفات، مما يجعل النوافذ المنبثقة جزءًا يوميًا من تصفحنا، لكن النقر العشوائي بسبب “إرهاق الموافقة” يُضعف فكرة الموافقة المستنيرة.
ماذا تختار؟
إذا كنت تقدر الخصوصية، فاختر “رفض الكل” أو اضبط الإعدادات لتعطيل ملفات الإعلانات، ويمكنك دائمًا تغيير رأيك عبر “إعدادات الكوكيز” في أسفل الموقع.
لخيار أكثر تقدمًا، جرب التحكم العالمي بالخصوصية (GPC)، وهو إعداد متصفح يُخبر المواقع تلقائيًا بتفضيلاتك، لكنه غير مدعوم عالميًا بعد.
إذا أردت البدء من جديد، احذف ملفات التعريف من إعدادات متصفحك، مع العلم أن ذلك سيُخرجك من جميع حساباتك.
في عالم رقمي يتغذى على بياناتك، اختيارك ليس مجرد نقرة، بل خطوة تحدد مدى سيطرتك على خصوصيتك.