ماذا حدث؟
في الآونة الأخيرة، أثارت تصريحات وزير الداخلية الهندي أميت شاه، التي زعم فيها أن “المتحدثين بالإنجليزية سيشعرون بالعار قريبًا”، جدلاً واسعًا حول مكانة اللغة الإنجليزية في الهند، وهي دولة متعددة اللغات.
هذه التصريحات، التي أُدلت خلال حملة لإحياء اللغة السنسكريتية، عكست سياسة حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) الحاكم، بقيادة ناريندرا مودي، لتعزيز اللغة الهندية وتقليص استخدام الإنجليزية في الحياة العامة.
لكن هذا الجدل لم يقتصر على المناقشات السياسية، بل امتد إلى الشوارع، حيث شهدت مدينة مومباي، العاصمة المالية للهند، مواجهات عنيفة بسبب اللغة.
الأسبوع الماضي، انتشر مقطع فيديو يظهر تعرض راكب في قطار للمضايقة لعدم تحدثه باللغة المحلية (الماراثية)، كما اندلعت اشتباكات بسبب قرار الحكومة المحلية بجعل الهندية لغة إلزامية ثالثة في المدارس العامة، مما أثار احتجاجات من نشطاء اللغة الماراثية وجماعات المجتمع المدني.
في سياق آخر، تشير تقارير إلى حوادث عنف مرتبطة باللغة، مثل اعتداء عمال توصيل في مومباي على صاحب متجر لعدم تحدثه بالمراثية، وهو ما أثار غضبًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الحوادث تعكس تصاعد التوترات اللغوية في الهند، حيث أصبحت اللغة أداة سياسية مرتبطة بالهوية القومية والإقليمية.
لماذا هذا مهم؟
اللغة الإنجليزية في الهند ليست مجرد وسيلة تواصل، بل رمز للتقدم الاجتماعي والاقتصادي، حيث تُعد بوابة للوظائف المرموقة والفرص العالمية.
مع أكثر من 130 مليون ناطق بالإنجليزية وفق تعداد 2011، ساهمت اللغة الإنجليزية في جذب استثمارات أجنبية وتعزيز قطاعات التكنولوجيا والشركات الناشئة.
ومع ذلك، فإن تصريحات أميت شاه وجهود حزب BJP لتعزيز الهندية كلغة قومية أثارت مخاوف من تهميش اللغات الإقليمية، مثل المراثية والتاميل، التي تُعد رموزًا للهوية المحلية، خاصة في الجنوب والغرب.
هذه السياسات، المتجذرة في أيديولوجية الهندوسية القومية، تهدف إلى تعزيز الهوية الهندية الموحدة، لكنها تثير ردود فعل عنيفة في المناطق غير الناطقة بالهندية، حيث يُنظر إلى الإنجليزية كجسر للتواصل بين المناطق ولغة عالمية تمنح ميزة تنافسية.
الحوادث العنيفة، مثل الاعتداءات المرتبطة باللغة في مومباي، تُبرز الانقسامات الاجتماعية العميقة التي تفاقمت بسبب السياسات اللغوية، والتي قد تهدد التماسك الاجتماعي في دولة متعددة الثقافات.
كما أن استهداف الإنجليزية كـ”لغة المستعمرين” قد يُنظر إليه كمحاولة لمحو إرث استعماري مفيد، مما يثير قلق النخب الحضرية والمجتمعات الريفية التي ترى الإنجليزية كوسيلة للارتقاء الاجتماعي.
هذه التوترات تعكس صراعًا أعمق حول الهوية الوطنية والاتجاه المستقبلي للهند كقوة عالمية.
ماذا بعد؟
التوترات اللغوية في الهند قد تتصاعد إذا استمرت سياسات تعزيز الهندية على حساب اللغات الإقليمية والإنجليزية، خاصة في ظل استمرار حزب BJP في السلطة.
الحوادث الأخيرة، مثل الاشتباكات في مومباي، تشير إلى احتمال تفاقم العنف إذا لم تُدار هذه التوترات بحكمة.
معارضة قرارات مثل فرض الهندية في المدارس قد تؤدي إلى احتجاجات أوسع في ولايات مثل تاميل نادو وماهاراشترا، حيث الفخر باللغات المحلية قوي.
ومع ذلك، فإن الإنجليزية، كما أشارت ريتا كوثاري من جامعة أشوكا، تظل قوية جدًا لتهميشها، نظرًا لدورها الحاسم في الاقتصاد العالمي والتعليم.
الحكومة قد تواجه ضغوطًا داخلية وخارجية لتخفيف لهجتها ضد الإنجليزية، خاصة مع تزايد الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية والشراكات العالمية.
وبدون سياسات شاملة تحترم التنوع اللغوي، قد تتفاقم الانقسامات الاجتماعية، مما يهدد الاستقرار في دولة تسعى لتأكيد مكانتها كقوة عالمية.