ماذا حدث؟
كشفت دراسة جديدة أجراها الدكتور تيموثي بياتكوفسكي من جامعة غريفيث في أستراليا، عن وجود تلوث خطير في منتجات المنشطات الابتنائية (AAS) التي تُباع في السوق السوداء.
شملت الدراسة تحليل 28 منتجًا للمنشطات تم الحصول عليها من أفراد في جميع أنحاء أستراليا، اشتروها إما عبر الإنترنت أو من زملاء في صالات الألعاب الرياضية، وتضمنت 16 زيتًا قابلًا للحقن، و10 أقراص فموية، ومسحوقين خامين.
أظهرت النتائج أن أكثر من نصف العينات كانت تحمل تسميات خاطئة أو تحتوي على عقار مختلف عما هو معلن عنه.
على سبيل المثال، منتج موسوم على أنه “تستوستيرون إينانثات” (200 ملغ/مل) كان يحتوي على 159 ملغ/مل من “ترينبولون” (نوع قوي من المنشطات) دون أي تستوستيرون يمكن اكتشافه، بينما احتوى قرص “أوكساندرولون” (المعروف باسم أنافار) على 6.8 ملغ بدلاً من 10 ملغ المعلن عنها.
الأكثر إثارة للقلق هو أن جميع العينات كانت ملوثة بمعادن ثقيلة مثل الرصاص، والزرنيخ، والكادميوم، وهي مواد معروفة بتسببها في السرطان، وأمراض القلب، وفشل الأعضاء.
على الرغم من أن مستويات التلوث كانت ضمن الحدود اليومية الآمنة، فإن الاستخدام المتكرر أو المكثف لهذه المنشطات يمكن أن يؤدي إلى تراكم المعادن الثقيلة فوق الحدود الآمنة، مما يشكل خطرًا صحيًا كبيرًا.
لماذا هذا مهم؟
تُسلط هذه الدراسة الضوء على المخاطر الصحية الجسيمة التي يواجهها مستخدمو المنشطات الابتنائية غير القانونية، حيث يُعتبر حيازتها بدون وصفة طبية جريمة يمكن أن تؤدي إلى غرامات كبيرة أو السجن لمدة تصل إلى 25 عامًا في ولاية كوينزلاند.
يُظهر الاستخدام المتزايد للمنشطات، خاصة بين الشباب من الرجال والنساء، تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج لصور مثالية للجسم، مما يدفع الأفراد لشراء هذه المنتجات من مصادر غير منظمة.
التلوث بالمعادن الثقيلة، الناتج عن ضعف مراقبة الجودة في تصنيع المساحيق الخام، خاصة من بعض الموردين في الصين، يعرض المستخدمين لمخاطر طويلة الأمد مثل التدهور المعرفي، وفشل الأعضاء، والسرطان.
علاوة على ذلك، تُبرز الدراسة الفجوة في سلامة المنتجات، حيث أظهرت أن 4 منتجات فقط من أصل 28 تطابقت مع مركبها ونقاوتها المتوقعة بنسبة 5%، مما يكشف عن مخاطر السوق غير القانونية.
هذه المشكلة تتجاوز المستخدمين الأفراد، حيث تؤثر على الصحة العامة وتضع ضغطًا على أنظمة الرعاية الصحية.
كما أن غياب برامج فحص المنشطات، على عكس اختبارات الحبوب المستخدمة في المهرجانات لعقاقير مثل الإكستاسي، يجعل من الصعب على المستخدمين التحقق من سلامة ما يستهلكونه، مما يزيد من الحاجة إلى تدخلات عاجلة.
ماذا بعد؟
تدعو الدراسة إلى إنشاء شبكة عالمية لمراقبة وفحص المنشطات لتوفير بيانات دقيقة وتطوير تدخلات مستهدفة للحد من الأضرار.
يتطلب فحص المنشطات تقنيات مختبرية متقدمة، مما يحد من إمكانية إجراء اختبارات ميدانية، لذا يجب الاستثمار في برامج متخصصة مشابهة لتلك الموجودة في أستراليا وسويسرا.
كما يُوصى بتطوير برامج دعم بقيادة الأقران، تعتمد على أدلة علمية وتجارب المستخدمين الفعليين، بالتعاون مع الباحثين والأطباء، لتثقيف المستخدمين حول المخاطر وتعزيز الاستخدام الآمن.
ينبغي دمج هذه البرامج مع خدمات الحد من الأضرار مثل برامج إبر الحقن لضمان وصولها إلى المجتمعات المعنية.
على المستوى السياسي، تشير دراسات سابقة إلى أن تشديد العقوبات القانونية لم يقلل من استخدام المنشطات، مما يدعو إلى إعادة النظر في تصنيف المنشطات كمواد خاضعة للرقابة، ربما باتباع نموذج المملكة المتحدة (الفئة C)، لتقليل الوصمة وتشجيع طلب المساعدة.
دون هذه التدخلات، سيستمر المستخدمون في مواجهة مخاطر صحية خطيرة بسبب التلوث والمنتجات المغشوشة، مما يفاقم الأزمة الصحية العامة الناتجة عن الاستخدام غير القانوني للمنشطات.