في عالم الآثار، تأتي بعض الاكتشافات من أكثر الأماكن غير المتوقعة، وهذا ما حدث مع قصر الملك الإنجليزي هارولد جودوينسون، آخر ملوك الأنجلو ساكسون، الذي ظل موقعه لغزًا لعقود.
المفاجأة أن قطعة أثرية غير اعتيادية – مرحاض قديم – كانت المفتاح لكشف الستار عن أحد القصور الملكية المفقودة في إنجلترا.
قصر ملكي وسط الغموض
عُرف الملك هارولد الثاني بأنه الملك الذي خسر معركة هاستينغز عام 1066 أمام وليام الفاتح، والذي لم يكتفِ بهزيمته، بل وضع نهاية لحكم الأنجلو ساكسون في إنجلترا.
خُلّدت هزيمته في نسيج بايو الشهير، حيث صُوّر مقتله بسهم في عينه خلال المعركة، إلا أن أحد الجوانب الأقل شهرة في حياته، هو قصره في قرية بوشام بمقاطعة ويست ساسكس، وهو قصر ظل موقعه مجهولًا حتى وقت قريب.
تمكن فريق من علماء الآثار من جامعتي نيوكاسل وإكستر من إعادة تقييم الحفريات القديمة، ليعثروا على دليل غير متوقع – مرحاض حجري ملكي – ساعدهم على تحديد موقع القصر.
وأشار الباحثون إلى أن هذه الحمامات لم تكن متاحة للعامة في العصور الوسطى، بل كانت ميزة خاصة بمساكن النبلاء والملوك، مما عزز فرضية أن الموقع كان مقرًا ملكيًا مرموقًا.
تصميم فاخر يناسب ملكًا
كان قصر الملك هارولد الثاني في بوشام أكثر من مجرد مقر إقامة، فقد احتوى على خندق مائي، وبوابة ضخمة، وبرج مراقبة، وعدد من المباني الفرعية مثل الإسطبلات والمخازن والمطابخ، كما يُعتقد أنه كان يضم متنزهًا لصيد الغزلان، ورصيفًا بحريًا خاصًا بأسطول الملك.
وعلى الرغم من أن معظم القصر كان مشيدًا من الخشب، وهو ما جعله عرضة للتدمير على يد الغزاة النورمان بعد 1066، فإن بعض بقاياه لا تزال قائمة، ومن بينها الحمام الملكي الذي كشف عن موقعه.
أهمية المرحاض في فك اللغز
لم يكن اكتشاف المرحاض مجرد حدث طريف، بل كان دليلًا علميًا مهمًا، فقد أشار العلماء في دراستهم، التي نُشرت في مجلة The Antiquaries Journal في يناير 2025، إلى أن وجود هذا النوع من الحمامات كان علامة على أن المبنى كان مقرًا لطبقة النبلاء قبل الغزو النورماني لإنجلترا.
وقبل اكتشاف المرحاض، كان الباحثون يشتبهون في أن القصر قد يكون تحت موقع قصر مانور يعود للقرن السابع عشر، بالقرب من كنيسة الثالوث المقدس التي تعود للعصر الأنجلو ساكسوني.
ومع استخدام تقنيات حديثة مثل الرادار المخترق للأرض، تمكن الفريق من تحديد مبنيين آخرين من العصور الوسطى، مما عزز فرضيتهم حول موقع القصر.