حقيقة الباراسيتامول.. هل يسبب التوحد للأجنة كما قال ترامب؟

حقيقة الباراسيتامول.. هل يسبب التوحد للأجنة كما قال ترامب؟

ماذا حدث؟

في 23 سبتمبر 2025، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً بتحذيره النساء الحوامل من استخدام الباراسيتامول (المعروف باسم أسيتامينوفين أو تايلينول) إلا في حالات الحمى الشديدة، مدعياً وجود صلة محتملة بالتوحد.

ردت إدارة السلع العلاجية الأسترالية (TGA) بتأكيد أن الباراسيتامول آمن للحوامل في جميع مراحل الحمل، ويُصنف كدواء فئة A، مما يعني أن استخدامه الواسع لم يُظهر زيادة في العيوب الخلقية أو تأثيرات ضارة على الأجنة.

تلا ذلك جدل حول ليكوفورين، وهو شكل من حمض الفوليك المقترح لعلاج صعوبات الكلام لدى أطفال التوحد، حيث أعلنت الولايات المتحدة توصيات جديدة تُشجع استخدامه، بينما أكدت أستراليا عدم وجود دليل كافٍ لتغيير الممارسات الطبية.

أظهرت دراسة سويدية عام 2024، شملت 2.5 مليون طفل، زيادة طفيفة في مخاطر التوحد واضطراب نقص الانتباه (ADHD) مع استخدام الباراسيتامول، لكن عند مقارنة الأشقاء لضبط العوامل الجينية والبيئية، اختفت هذه المخاطر، مما يُشير إلى أن العوامل المربكة مثل العدوى أو الحمى قد تكون السبب.

لماذا هذا مهم؟

يُعد هذا الجدل مهماً لأنه يؤثر على قرارات النساء الحوامل، حيث يُستخدم الباراسيتامول على نطاق واسع لعلاج الآلام والحمى، وهي ضرورية لتجنب مضاعفات الحمل مثل الإجهاض أو عيوب الأنبوب العصبي الناتجة عن الحمى غير المعالجة.

تصريح ترامب، الذي يفتقر إلى دليل قوي، يُثير الذعر ويُربك الأمهات، خاصة مع وجود 46 دراسة متضاربة (27 تُظهر صلة، 9 لا تُظهر، و4 تُشير إلى انخفاض المخاطر)، مما يُبرز صعوبة تفسير البيانات بسبب العوامل المربكة مثل الجينات، العدوى، أو الظروف الاجتماعية.

كما أن اقتراح ليكوفورين لعلاج التوحد، رغم نتائجه الواعدة في دراستين صغيرتين (2024 و2025) أظهرتا تحسناً في المهارات الاجتماعية، يفتقر إلى أدلة قوية لتغيير الممارسات الطبية، مع مخاطر جانبية مثل الحساسية والنوبات.

هذا الجدل يُعزز الحاجة إلى أبحاث دقيقة، حيث تُشير بيانات إلى أن العدوى أو الحمى، وليس الباراسيتامول، قد تؤثر على النمو العصبي، مما يجعل علاج الحمى أولوية.

ماذا بعد؟

مع استمرار الجدل، ستُركز الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر 2025 على مناقشات حول سلامة الأدوية في الحمل، مما قد يُؤدي إلى تمويل أبحاث جديدة بقيمة 10 ملايين دولار لدراسة الباراسيتامول والتوحد بحلول 2026.

ستُحافظ أستراليا على إرشاداتها الحالية، بينما قد تُوسع الولايات المتحدة استخدام ليكوفورين، لكن الأطباء سيطالبون بدراسات أكبر (تشمل 5000 طفل على الأقل) لتأكيد فعاليته.

على المدى الطويل، إذا أثبتت الأبحاث عدم وجود صلة بين الباراسيتامول والتوحد، ستُعزز ثقة الحوامل في استخدامه، لكن الفشل في توضيح المخاطر سيُطيل الارتباك.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *