ماذا حدث؟
في إنجاز علمي استثنائي، تمكن تلسكوب جيمس ويب الفضائي من رصد مجرة جديدة تُعد الأبعد على الإطلاق في سجل الاكتشافات الفلكية، حيث يعود ضوؤها إلى ما يقارب 280 مليون سنة فقط بعد لحظة الانفجار العظيم، في اختراق علمي يقدم نافذة غير مسبوقة لفهم اللحظات الأولى لنشوء الكون.
ووفقًا لما أعلنه موقع “روسيا اليوم”، فقد أطلق العلماء على المجرة اسم “MoM-z14”، وهي تتميز ليس فقط ببعدها الزمني الهائل، بل أيضًا بكونها أكثر سطوعًا مما كان يُعتقد ممكنًا بالنسبة لمثل هذه المجرات البدائية.
وقد تم رصدها كجزء من برنامج “Miracle”، المصمم خصيصًا لتحديد المجرات التي تشكلت في العصور الأولى للكون، والتحقق من خصائصها.
لماذا هذا مهم؟
إن رصد ضوء استغرق أكثر من 13 مليار سنة للوصول إلينا يعني أن العلماء ينظرون فعليًا إلى مرحلة مبكرة للغاية من التاريخ الكوني، تسبق تشكل أولى النجوم والمجرات الناضجة بزمن طويل.
ما يجعل هذا الاكتشاف ثورة في دراسة الكون المبكر، هو أنه يمكن أن يُغيّر الفرضيات السابقة حول سرعة تشكل المجرات الأولى، ومدى نضجها البنيوي في وقت قصير نسبيًا بعد الانفجار العظيم.
تلسكوب جيمس ويب، الذي أُطلق في ديسمبر 2021، يُعتبر حجر الأساس في استكشاف الأجزاء الخفية من الكون، وذلك بفضل تقنيته المتقدمة في الرصد بالأشعة تحت الحمراء، والتي تُتيح له اختراق غبار الكون والكشف عن أضعف الإشارات الضوئية الصادرة من أقدم الأجسام الفلكية.
كما يستفيد التلسكوب من ظاهرة عدسة الجاذبية، حيث تعمل الأجسام الضخمة مثل عنقود المجرات “Abell 2744” أو “باندورا”، على تكبير وتشويه ضوء المجرات التي تقع خلفها، ما يتيح فرصة لرؤية ما لم يكن مرئيًا من قبل.
ماذا بعد؟
هذا الاكتشاف لا يمثل مجرد خطوة نحو الوراء في الزمن الكوني، بل يفتح الباب أمام إعادة صياغة نماذجنا حول تطور الكون، وتشكّل البُنى الكونية الكبرى في المراحل المبكرة.
الاكتشافات المستقبلية التي قد يكشفها برنامج “Miracle” وغيره من المبادرات المدعومة بجيمس ويب، قد تعيد كتابة فصول كاملة من التاريخ الكوني كما نعرفه.
ومع استمرار عمل تلسكوب جيمس ويب بكفاءته العالية، يتوقع العلماء أن تتوسع آفاق الرؤية إلى ما هو أبعد من “MoM-z14”، وربما نقترب يومًا من رصد الضوء الأول الذي أضاء الكون بعد الظلمة الكونية الكبرى.