ماذا حدث؟
في تطور غير متوقّع قد يغير خريطة المنافسة بين عملاقي المشروبات الغازية، تعرضت شركة بيبسيكو لضربة موجعة بسبب قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية.
فرضت إدارة ترامب، في إطار سياساتها التجارية المتشددة، رسومًا جمركية بنسبة 10% على مكونات المشروبات المستوردة، وكان التركيز الأكبر على “الصودا” التي تشكل جوهر المشروبات الغازية.
وبينما تنتج شركة كوكاكولا غالبية مركزاتها المخصصة للسوق الأميركي في أتلانتا وبورتوريكو (التي تُعدّ منطقة أميركية)، تعتمد بيبسيكو بشكل شبه كامل على منشآتها في مدينة كورك الأيرلندية لتصنيع المركزات الخاصة بمشروباتها في الولايات المتحدة.
ونتيجة لذلك، أصبحت بيبسي تواجه أعباء جمركية إضافية، بينما بقيت كوكاكولا في مأمن نسبي من هذه الرسوم.
وتزداد الأزمة تعقيدًا مع إعلان فرض رسوم بنسبة 25% على واردات الألومنيوم، ما يهدد برفع أسعار التعبئة والتغليف لكلا الشركتين، خاصة وأن كوكاكولا تستورد جزءًا من الألومنيوم من كندا.
لماذا هذا مهم؟
هذه التطورات تأتي في لحظة حرجة لشركة بيبسي، التي شهدت تراجعًا في حصتها السوقية الأميركية خلال العقدين الأخيرين، لتفقد في العام الماضي مركزها كثاني أشهر مشروب غازي في الولايات المتحدة لصالح دكتور بيبر.
ومع سعيها الحثيث لاستعادة موقعها في سوق الصودا، تضعها الرسوم الجمركية في موقف أكثر صعوبة.
الرسوم الجديدة لا تؤثر فقط على بيبسي كشركة، بل تمتد تأثيراتها إلى شبكة من المعبئين المحليين المستقلين – العديد منهم شركات عائلية – والذين يشترون المنتجات في حاويات صغيرة أو عبر شاحنات ضخمة.
هؤلاء المعبئون عبّروا عن قلقهم من أن ارتفاع التكلفة سيؤثر على قدرتهم التنافسية، خاصة في مواجهة منتجات كوكاكولا التي تتفادى هذه الرسوم بفضل تصنيعها المحلي.
ومن جهة أخرى، فإن هذا السيناريو يُعيد تسليط الضوء على أثر سياسات الحماية التجارية التي انتهجتها إدارة ترامب، والتي لم تقتصر آثارها على قطاع واحد، بل امتدت إلى صناعات متنوعة مثل الجينز (حيث تأثرت شركة ليفايس)، ومعجون الأسنان (حيث تضررت كولغيت لصناعتها بعض المنتجات في المكسيك)، وكل ذلك بسبب الفروقات في مواقع التصنيع.
ماذا بعد؟
من الواضح أن التنافس بين بيبسي وكوكاكولا لم يعد مجرد مسألة تسويق أو طعم، بل تحوّل إلى معركة جيوسياسية تتأثر بقرارات التجارة الدولية.
وبينما تسعى بيبسي لإيجاد حلول لتفادي الرسوم، لم تكشف الشركة حتى الآن عن نواياها لنقل التصنيع أو تعديل استراتيجيتها، ما يجعل مستقبلها في السوق الأميركية محفوفًا بالمخاطر.
وفي المقابل، تبدو كوكاكولا في وضع أكثر استقرارًا، وإن لم تكن بمنأى عن تداعيات الحرب التجارية، لا سيما مع إمكانية ارتفاع أسعار الألومنيوم، ولكن مرونتها في مصادر التعبئة، وتنوع مراكز الإنتاج، يمنحها ميزة واضحة في هذه المعركة التجارية.