الشرق الأوسط مهدد بالتغير المناخي.. هل يدرك سكانه ذلك؟

التغير المناخي

ماذا حدث؟

شهد الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة تفاقماً لآثار التغير المناخي، حيث أصبحت الدول العربية من أكثر المناطق تعرضاً عالمياً، وفق تقرير مركز كارنيغي للسلام الدولي في 2023، الذي أكد أن المنطقة تواجه ارتفاعاً في درجات الحرارة، انخفاضاً في الأمطار، وجفافاً مطولاً، وعواصف رملية أكثر شدة، وفيضانات مفاجئة، وارتفاعاً في مستوى سطح البحر.

في أغسطس 2025، أنتجت وسائل الإعلام في الشرق الأوسط حوالي مقال واحد فقط عن التغير المناخي في المتوسط، مقارنة بـ66 مقالاً في أمريكا الشمالية، حسب مرصد جامعة كولورادو بولدر للإعلام والتغير المناخي.

في الأردن، على سبيل المثال، أعلن وزير المياه رائد أبو سود في مايو 2025 أن البلاد تواجه أشد أزمات المياه عالمياً، مع انخفاض توافر المياه للفرد إلى 60 متراً مكعباً سنوياً، مدفوعاً بجفاف 1998-2012 الذي كان الأسوأ في 900 عام، وفق دراسة ناسا.

هذه الظروف تفاقمت بالنزاعات مثل حرب غزة منذ 2023، التي أدت إلى إعادة توجيه التغطية الإعلامية نحو الأزمات الإنسانية، مما قلل التركيز على المناخ.

لماذا هذا مهم؟

يُعد نقص التغطية الإعلامية للتغير المناخي في الشرق الأوسط مشكلة هيكلية تُعيق الوعي العام والاستجابة الفعالة، حيث يُغطى المناخ كقضية ثانوية مقارنة بالنزاعات الجيوسياسية، كما في الأردن حيث يُصور اللاجئون كعبء إضافي على الموارد المحدودة، مما يُعزز التوترات الاجتماعية.

أهميته تكمن في أن المنطقة تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة بمعدل ضعف المتوسط العالمي، مما يهدد الأمن المائي (12 من 17 دولة أكثر توتراً مائياً في العالم من الشرق الأوسط)، والأمن الغذائي، والاستقرار السياسي، كما في سوريا حيث ساهم الجفاف في اندلاع الحرب الأهلية عام 2011.

النزاعات تُفاقم الضرر البيئي، بينما يُقلل نقص الصحفيين المتخصصين في المناخ (مشكلة إقليمية) من القدرة على ربط التغير المناخي بالأمن القومي، مما يُبعد الخطاب عن السياق المحلي ويُروج لروايات خارجية قد تُفقد الثقة.

هذا النقص يُعيق الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية اللازمة للتكيف، مثل إصلاح الشبكات المائية في الأردن، ويُهدد بزيادة النزوح والفقر، خاصة مع توقعات بفقدان 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي في آسيا الوسطى و1.1% في الشرق الأوسط بسبب الكوارث المناخية.

ماذا بعد؟

مع استمرار النزاعات، يُتوقع أن يظل التركيز الإعلامي محدوداً، لكن دراسات تشير إلى أن زيادة التغطية تُعزز الوعي العام وتُحفز الإصلاحات، كما في حملات التوعية الأردنية الممولة دولياً.

يجب على الحكومات الإقليمية، مثل الأردن، تعزيز دور الإعلام بتدريب صحفيين متخصصين ودمج المناخ في الخطابات الوطنية، مع الاستفادة من الشراكات الدولية للوصول إلى تمويلات التكيف (حتى 4% من الناتج المحلي).

على المدى الطويل، قد يصل الشرق الأوسط إلى مستويات الاحترار 1.5-4 درجات مئوية قبل العالمي بـ20-30 عاماً، مما يتطلب خططاً إقليمية للطاقة المتجددة والزراعة المقاومة، مع دور حاسم للإعلام في تعزيز المشاركة المجتمعية.

في النهاية، إذا لم يُعالج النقص الإعلامي، قد يُفاقم التغير المناخي النزاعات، لكن زيادة الوعي يمكن أن تحول المنطقة إلى نموذج للتكيف الإقليمي.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *