البحث عن الكأس المقدسة.. تفاصيل محاولة هتلر لخلق ديانة آرية

هتلر والكأس المقدسة

ماذا حدث؟

في ثلاثينيات القرن العشرين، لم يكتفِ أدولف هتلر بتحويل ألمانيا إلى دولة فاشية، بل سعى لإعادة صياغة هويتها الثقافية عبر أيديولوجية نازية متطرفة، طرحها في كتابه “كفاحي”.

اعتقد هتلر أن الشعب الآري، الذي عدّه عرقاً بيولوجياً متميزاً، يتطلب “نقاءً عرقياً” لازدهار الدولة، متهماً اليهود بالدونية، مما أدى إلى إبادة 6 ملايين يهودي بحلول 1945.

لدعم هذه الأساطير، كلف هاينريش هيملر، قائد وحدة “إس إس”، بصياغة نظام معتقدات جديد يعيد كتابة التاريخ.

أسس هيملر جمعية دراسة تاريخ الأفكار البدائية الألمانية ” آننإربه ” في 1935، وهي مؤسسة أثرية دعائية للبحث عن أدلة تدعم وجود عرق آري قديم.

من بين أهدافها الغريبة، سعى النازيون للعثور على الكأس المقدسة، التي يُعتقد أن المسيح شرب منها، لتحويلها إلى رمز للقوة الآرية.

لماذا كان هذا مهم؟

لم يكن البحث عن الكأس المقدسة مجرد نزوة، بل جزءاً من محاولة النازيين لخلق دين آري جديد يحل محل اليهودية-المسيحية.

استلهم هيملر طقوساً وثنية، مثل احتفالات الانقلاب الشمسي، لتعزيز ارتباط الآريين بالأرض الألمانية، وقاد عالم القرون الوسطى أوتو ران، الذي كان معجباً به هيملر، هذا البحث، معتبراً أن الكاثار، طائفة مسيحية قُمعت في القرن الثالث عشر، كانت تحمي الكأس وتمثل إيماناً آرياً قديماً.

أرسل هيملر ران إلى مونتسيغور في فرنسا وأيسلندا بحثاً عن الكأس وآثار أطلنطس الأسطورية.

لكن ران واجه مصيراً مأساوياً، حيث عُثر على جثته متجمدة في جبال الألب عام 1939، في ظروف غامضة، يُرجح أن تكون جريمة قتل بأيدي “إس إس”.

ماذا بعد؟

على الرغم من فشل مهمة الكأس المقدسة، استمر هوس النازيين بالتصوف، فحاول هيملر البحث عن آثار أخرى، مثل مطرقة ثور، معتبراً أنها سلاح متطور يعكس معرفة الأسلاف بالكهرباء.

في 1940، قاد بنفسه بعثة إلى كاتالونيا بحثاً عن الكأس، لكن تصاعد الحرب العالمية الثانية جعل هذه المهام ثانوية.

لم تجد ” آننإربه” أي دليل يدعم مزاعم الآريين، وبقيت أيديولوجية النازية بلا أساس علمي، معتمدة على الكراهية والدعاية.

وظلت هذه القصة درساً عن كيف يمكن للأنظمة الشمولية استغلال الأساطير لتبرير جرائمها، وتحذيراً من مخاطر الخرافات في تشكيل السياسات، فالبحث عن الكأس المقدسة، رغم غرابته، يعكس عمق الوهم الذي قاد النازية إلى الهاوية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *