أسعار الولادة حسب الجنس.. أزمة طبية في الجزائر

أطفال رضع في الجزائر

ماذا حدث؟

أثارت تصريحات طبيبة جزائرية من ولاية عنابة جدلاً واسعاً في يوليو 2025، بعد كشفها عن ممارسات تمييزية في بعض العيادات الخاصة التي تفرض أسعاراً أعلى لولادة الذكور مقارنة بالإناث، بفارق قد يصل إلى 50%.

الطبيبة أوضحت أن سيدة اختارت عيادتها لأنها لا تمارس هذا التمييز، مما دفعها لنشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت فيه هذه الظاهرة.

أطباء آخرون نددوا بهذه الممارسات، مؤكدين عدم وجود مبرر طبي أو علمي لفروقات الأسعار، واعتبروها استغلالاً للعواطف المرتبطة بتفضيل الذكور.

المرسوم التنفيذي رقم 20-60 لعام 2020 حدد أسعار الولادة بين 25,000 و60,000 دينار جزائري حسب نوع العملية، لكن هذه الممارسات تتجاوز التنظيمات.

استنكر رواد مواقع التواصل هذه الظاهرة، مطالبين السلطات بفتح تحقيق ومعاقبة المتورطين، بينما أشار مختصون اجتماعيون إلى أن هذه الممارسات تعكس ذهنية مجتمعية متجذرة تفضل الذكور.

لماذا هذا مهم؟

تكشف هذه الأزمة عن تحديات أخلاقية واجتماعية في القطاع الصحي الجزائري، فالتمييز في أسعار الولادة بناءً على جنس المولود يعزز التفرقة بين الجنسين منذ الولادة، مما يعيد إحياء ممارسات تشبه “الجاهلية”.

هذه الظاهرة تنتهك مبادئ المهنية الطبية وتستغل العواطف في مجتمع لا يزال يرى الذكر كـ”وريث” أو “سند”، رغم التقدم الذي حققته النساء في مختلف المجالات.

غياب الرقابة الصارمة على العيادات الخاصة، خاصة في المناطق ذات الخدمات العمومية الضعيفة، يفاقم المشكلة، حيث يضطر الأهالي لقبول الأسعار دون احتجاج.

ارتباط بعض العيادات باتفاقيات مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يفرض عليها التزامات مهنية، لكن التجاوزات تشير إلى فجوة في التنظيم.

الضجة العامة تعكس رفضاً مجتمعياً متزايداً لهذه الممارسات، مما قد يدفع السلطات لاتخاذ إجراءات لضبط القطاع الصحي الخاص.

ماذا بعد؟

من المتوقع أن تتسارع الدعوات لتحقيق رسمي من قبل وزارة الصحة الجزائرية للتحقق من هذه الممارسات ومعاقبة العيادات المتورطة، خاصة مع الضغط العام عبر مواقع التواصل.

قد تؤدي هذه الأزمة إلى تشديد الرقابة على أسعار الخدمات الطبية في القطاع الخاص وتفعيل المرسوم التنفيذي لضمان الالتزام بالتسعيرة المحددة.

اجتماعياً، قد تعزز هذه القضية النقاش حول المساواة بين الجنسين، مما يشجع على حملات توعية لتغيير الذهنيات التقليدية.

ومع ذلك، قد تواجه السلطات تحديات في فرض الرقابة على العيادات في المناطق النائية، حيث الخدمات العمومية محدودة.

فرص الإصلاح تكمن في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير خدمات طبية عادلة، بينما يبقى التحدي في مقاومة بعض العيادات للتغيير حفاظاً على أرباحها.

استمرار الضغط الشعبي والإعلامي قد يسرع من الإصلاحات، لكن التغيير الثقافي العميق سيستغرق وقتاً أطول.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *