ماذا حدث؟
أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في سوريا، استبعاد محافظات الرقة والحسكة والسويداء من عملية الانتخابات البرلمانية المرتقبة، بسبب الوضع الأمني المتردي فيها.
أكد الناطق باسم اللجنة، نوار نجمة، أن الانتخابات ستجرى في مناطق محددة داخل هذه المحافظات فقط، حيث سيتم تعيين شخصيات محلية من قبل الرئيس أحمد الشرع لتمثيلها في البرلمان، مع الحفاظ على المقاعد المخصصة لها.
يأتي هذا القرار في سياق إعداد جدول زمني دقيق للعملية الانتخابية، التي تعتمد نظام “هيئات ناخبة” مشابه للنموذج الأمريكي والفرنسي، ومن المتوقع إجراؤها قبل نهاية سبتمبر.
أصدرت اللجنة قراراً رقم (31) يحدد القائمة النهائية للجان الفرعية في بعض مناطق الرقة والحسكة، بناءً على الإعلان الدستوري والمرسومين 66 و143 لعام 2025، استجابة لرغبة الأهالي في المشاركة تحت سيطرة الحكومة.
كان الإعلان الأولي عن الاستبعاد في 23 أغسطس، بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 واعتماد الدستور المؤقت في مارس 2025، الذي يهدف إلى تشكيل برلمان انتقالي يعين فيه الرئيس ثلث الأعضاء.
لماذا هذا مهم؟
يُعد استبعاد هذه المحافظات تحدياً كبيراً لجهود الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع في بناء شرعية ديمقراطية شاملة، حيث يعكس الواقع المعقد للانقسامات الإقليمية والطائفية في سوريا بعد سنوات من الحرب.
الرقة والحسكة، الخاضعتان جزئياً لإدارة كردية مستقلة (AANES) تحت قوات سوريا الديمقراطية، تشهدان توترات مستمرة مع قوات الحكومة بسبب السيطرة المشتركة والتهديدات الأمنية من جماعات مسلحة متنافسة، مما يجعل إجراء الانتخابات هناك غير آمن.
أما السويداء، فهي تحت سيطرة درزية فعلية، وشهدت اشتباكات طائفية عنيفة مؤخراً مع قوات النظام السابق، مما يعمق الشكوك حول اندماجها في الدولة الجديدة.
أهمية القرار تكمن في أنه يقوض مبدأ الشمولية الذي يطالبه الإعلان الدستوري المؤقت، حيث يحجز المقاعد (6 للرقة، 10 للحسكة، 3 للسويداء) لتعيين رئاسي، لكنه يثير انتقادات كردية ودروزية بأنه يفرض تمثيلاً من أعلى دون مشاركة محلية، مما قد يعزز التمزق السياسي ويُضعف الثقة في العملية الانتخابية كأول اختبار ديمقراطي بعد الأسد.
كما يبرز صعوبات الحكومة في توحيد البلاد، خاصة مع مراقبة مجلس الأمن الدولي للانتخابات للتأكد من توافقها مع قرار 2254 لعام 2015.
ماذا بعد؟
مع اقتراب الانتخابات ستستمر اللجنة في دراسة طلبات الترشح للهيئات الناخبة، مع تشكيل لجان فرعية في المناطق الآمنة لضمان سير العملية.
قد يعين الرئيس الشرع ممثلين مؤقتين عن المحافظات المستبعدة لملء المقاعد، لكن ذلك قد يؤجل التصويت هناك حتى تحسن الظروف الأمنية، ربما إلى أشهر قادمة، مما يطيل مرحلة البرلمان الانتقالي.
دولياً، قد يثير التأجيل نقاشات في مجلس الأمن حول شمولية الانتخابات، مع ضغوط من الأمم المتحدة لتعزيز الحوار مع الكرد والدروز لتجنب التصعيد.
محلياً، يُتوقع احتجاجات أو مطالب بإعادة النظر، خاصة في السويداء والمناطق الكردية، مما يستدعي جهوداً دبلوماسية للاندماج.
في النهاية، سيكون نجاح الانتخابات في المناطق الأخرى اختباراً لقدرة الحكومة على بناء وحدة وطنية، نحو انتقال سلمي ينهي التمزق ويمهد لدستور دائم بحلول 2026.