بحلول عام 2027، سيواجه حلف شمال الأطلسي (الناتو) لحظة حاسمة تحدد قدرته على البقاء كقوة دفاعية موثوقة في مواجهة روسيا المتصاعدة.
مع تحول تركيز الولايات المتحدة نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتزايد الدعوات لاستقلالية أوروبية استراتيجية، يجب على الناتو إعادة تشكيل هيكليته العسكرية ليصبح أكثر اعتمادًا على الأعضاء الأوروبيين.
يوضح تحليل مزيج القوات (NFMA) الصادر عن “ميتر” ومجلس الأطلسي في يونيو 2025 أن فشل الناتو في تعزيز قدراته بحلول 2027 قد يعرض الدول البلطيقية لخطر هجوم روسي، مما يهدد مصداقية الحلف ووحدته.
لماذا 2027 حاسم؟
يبرز عام 2027 كموعد نهائي للناتو بسبب التهديدات المتزايدة من روسيا، التي تعمل على تحديث جيشها بأنظمة متقدمة مثل الصواريخ فرط الصوتية والطائرات المسيرة، إلى جانب تكتيكات الحرب الهجينة مثل الهجمات السيبرانية وحملات التضليل.\
تشير تقارير “يورونيوز” إلى أن روسيا قد تستعيد قوتها العسكرية بحلول 2027، مستفيدة من تحالفها مع الصين وإيران وكوريا الشمالية.
في الوقت نفسه، تعتمد دول الناتو الأوروبية بشكل كبير على الولايات المتحدة في الاستخبارات والقيادة والسيطرة (C2) والنقل الاستراتيجي، وهي قدرات قد لا تكون متوفرة إذا انشغلت أمريكا في نزاع بالمحيط الهادئ.
يؤكد تحليل NFMA أنه بدون الولايات المتحدة، يفتقر الناتو إلى التكامل التشغيلي واللوجستيات اللازمة لصد هجوم روسي سريع على الدول البلطيقية.
هذا الواقع يجعل 2027 اختبارًا لقدرة أوروبا على تحمل مسؤولية دفاعها، خاصة في ظل ضغوط إدارة ترامب الثانية لتقاسم الأعباء، كما ذكرت “واشنطن بوست”.
ما التحديات التي تواجه أوروبا؟
تواجه أوروبا عقبات كبيرة في تحقيق الاستقلالية العسكرية بحلول 2027:
أولاً، هناك نقص في القوات الجاهزة للقتال والدفاعات الجوية والصاروخية المتكاملة في المنطقة الشمالية الشرقية (من فنلندا إلى البحر الأسود).
ثانيًا، تعاني اللوجستيات من بطء التعزيزات بسبب ضعف التنقل العسكري عبر الحدود، كما أشار تقرير “الغارديان”.
ثالثًا، يعتمد الناتو على الأنظمة الأمريكية للاستخبارات والقيادة، مما يجعل الأعضاء الأوروبيين عرضة للخطر في حال غياب الدعم الأمريكي.
كما أن الصناعات الدفاعية الأوروبية مجزأة، مع أوقات تسليم طويلة، وهو ما يعيق الإنتاج السريع للذخائر والأنظمة الحديثة.
وفقًا لـ”فاينانشيال تايمز”، فإن محاولات الاتحاد الأوروبي لتحقيق “الاستقلالية الاستراتيجية” قد تستنزف الموارد من الناتو إذا لم تتماشَ مع أهداف الحلف، مما يزيد من الانقسامات الداخلية.
ماذا بعد؟
لضمان بقاء الناتو قويًا بحلول 2027، يوصي تحليل NFMA بإجراءات عاجلة، من بينها تطوير الأعضاء الأوروبيين خارطة طريق لتقاسم الأعباء، تشمل نشر قوات ثقيلة ودفاعات جوية في الخطوط الأمامية، مثل بولندا والدول البلطيقية.
كما ينبغي إنشاء عقيدة حرب متعددة المجالات (MDO) لدمج العمليات البرية والبحرية والجوية والسيبرانية والفضائية، مدعومة بمراكز قيادة واستخبارات متكاملة.
يُعد الاستثمار في البنية التحتية اللوجستية، مثل ممرات السكك الحديدية والطرق من الشمال إلى الجنوب، أمرًا ضروريًا لتحسين التنقل العسكري.
بالإضافة إلى ذلك، يجب اعتماد أنظمة مفتوحة للذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة لتعزيز الكفاءة القتالية، كما أوصت “بلومبرغ”.
كما ينبغي أيضًا إجراء مناورات مفاجئة بموجب المادة 5 لاختبار الجاهزية بدون تعزيزات أمريكية، مما يعزز الثقة بين الحلفاء.
إذا نجح الناتو في تنفيذ هذه التوصيات، فسيصبح بحلول 2027 حلفًا أكثر تماسكًا وقادرًا على ردع روسيا دون الاعتماد الكلي على الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن الفشل في سد الفجوات بحلول 2027 قد يغري روسيا باختبار عزم الناتو، خاصة في ممر سووالكي، كما حذرت “نيويورك تايمز”.