ماذا حدث؟
منذ توليه منصبه، سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعادة تشكيل الدور التقليدي للرئيس الأمريكي ليشبه نموذج القيادة الروسية، حيث يتمتع الرئيس بسلطات واسعة أشبه بسلطة الملك.
أصدر ترامب العشرات من الأوامر التنفيذية التي أعادت تشكيل سياسات أمريكا بشكل أحادي، متجاوزًا الهيئات التشريعية، وهو ما يذكر بأسلوب الحكم الذي يتبعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
علاوة على ذلك، بدأ ترامب في السيطرة على المؤسسات التنفيذية من خلال تعيين شخصيات موالية له في وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، كما يسعى إلى تقليص دور بعض الوكالات الحكومية أو حتى إلغائها بالكامل.
هذا التوجه يثير مخاوف متزايدة حول تحوله إلى زعيم ذي سلطات مطلقة.
لماذا هذا مهم؟
محاولة “روسنة” الرئاسة الأمريكية تهدد النظام الدستوري القائم، حيث تستند الديمقراطية الأمريكية إلى الفصل بين السلطات، وهو ما يحاول ترامب تجاوزه بتوسيع سلطاته بشكل غير مسبوق.
الأوامر التنفيذية التي يصدرها ترامب ليست مجرد أدوات إدارية، بل هي محاولة لفرض سياساته دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس.
المحاكم الأمريكية بدأت بالفعل في التصدي لبعض قرارات ترامب، لكن هناك تخوفات من أن المحكمة العليا، التي أصبحت أكثر ميلاً لدعم سلطات الرئيس، قد تميل إلى تأييد هذه الصلاحيات الموسعة.
بعض التيارات المحافظة داخل الحزب الجمهوري تدعو منذ سنوات إلى تعزيز سلطات الرئيس ضمن ما يسمى بـ “النظرية التنفيذية الموحدة”، والتي تمنح الرئيس سيطرة غير محدودة على الجهاز التنفيذي، وهو ما يعزز مساعي ترامب.
ماذا بعد؟
التصدي لترامب لا يمكن أن يقتصر على القضاء فقط، بل يجب أن يشمل تحركًا سياسيًا واسعًا، حيث سيكون على الكونغرس تفعيل سلطاته الرقابية واستخدام صلاحياته في تخصيص الميزانية للحد من نفوذ ترامب، وإذا فاز الديمقراطيون بالأغلبية في انتخابات التجديد النصفي عام 2026، فقد يكون بإمكانهم كبح هذا التوجه بشكل أكثر فاعلية.
كما أن الولايات الأمريكية يمكنها مقاومة هذه النزعة السلطوية برفض تنفيذ بعض الأوامر الفيدرالية التي تعتبرها غير دستورية، وهي خطوة سبق أن اتخذتها بعض الولايات في قضايا مختلفة.
الوقت هو العنصر الحاسم، فكلما تمكن ترامب من ترسيخ نموذج “الرئيس الملك”، زادت صعوبة التراجع عنه، كما أظهرت التجربة الروسية.
وبالتالي، فإن التحدي الحقيقي أمام القوى السياسية الأمريكية لا يقتصر فقط على منع تجاوزات ترامب القانونية، بل يمتد إلى الحفاظ على الديمقراطية ومنع تحول الرئيس إلى زعيم سلطوي يتحكم في مصير البلاد بمفرده.