هل ينجح نتنياهو في إنشاء إسرائيل الكبرى؟

انتهت الحرب وبدأت الأزمات.. ما مستقبل المعارك السياسية في إسرائيل؟

ماذا حدث؟

في ظل استمرار الحرب في غزة، يُثير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلاً حول طموحه لتحقيق “إسرائيل الكبرى”، وهي فكرة تاريخية تُعبر عن سيادة إسرائيل على الأراضي من البحر المتوسط إلى نهر الأردن، تشمل الضفة الغربية، القدس الشرقية، غزة، وهضبة الجولان، كما نص ميثاق حزب الليكود عام 1977.

في الأسابيع الأخيرة، أشار نتنياهو علناً إلى ارتباطه “الوثيق” بهذه الفكرة، مؤكداً ضرورة السيطرة الأمنية على كامل الأراضي غرب الأردن، ما يُناقض فكرة السيادة الفلسطينية.

منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، وسّع نتنياهو العمليات العسكرية في غزة، مخططاً لضمها، إلى جانب تعزيز السيطرة على مستوطنات الضفة الغربية التي تضم 700 ألف مستوطن، وتوسيع النفوذ في لبنان وسوريا عبر استهداف حزب الله وإيران.

غارته على الدوحة في 10 سبتمبر 2025، التي أثارت قمة عربية-إسلامية طارئة، أكدت عزلته الإقليمية، لكن دعم إدارة ترامب، الموضح في زيارة وزير الخارجية ماركو روبيو إلى القدس، يظل ثابتاً.

رغم إدانة دولية وتسمية الأمم المتحدة للعمليات في غزة بـ”الإبادة الجماعية”، يواصل نتنياهو خطته، متجاهلاً مصير الرهائن الإسرائيليين لدى حماس.

لماذا هذا مهم؟

يُشكل طموح “إسرائيل الكبرى” تهديداً وجودياً لفكرة حل الدولتين، التي تتلاشى مع استمرار الاستيطان وتدمير غزة، حيث قُتل أكثر من 65 ألف فلسطيني بحلول سبتمبر 2025.

أهميته تكمن في أن نتنياهو، بدعم أمريكي لا يتزعزع، يُعيد تشكيل الشرق الأوسط، مُعززاً عزلة إسرائيل إقليمياً بعد غارات على قطر وسوريا ولبنان، مما أثار إدانات عربية لكنه لم يُنتج إجراءات ملموسة في قمة الدوحة.

هذا الطموح يُفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ويُعرقل الوساطة المصرية-القطرية، ويُهدد استقرار المنطقة مع تصعيد ضد إيران وحزب الله.

كما يُبرز تناقضاً دولياً، حيث تدعم دول غربية الاعتراف بدولة فلسطين رمزياً في الأمم المتحدة، لكن دون تأثير على إسرائيل أو الولايات المتحدة التي ترفضه.

إذا نجح نتنياهو، سيتسبب في نزوح جماعي فلسطيني ويُعزز التوترات الإقليمية، لكن بسمعة إسرائيلية متدهورة عالمياً.

ماذا بعد؟

مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، ستُواصل دول غربية الدفع للاعتراف بفلسطين، لكن دون جدوى محتملة أمام دعم ترامب لنتنياهو، الذي قد يُعلن ضم غزة رسمياً بحلول 2026، مستفيداً من تراجع الرقابة الدولية.

قد يُؤدي فرض عقوبات على إسرائيل، كما يقترح صيقل، إلى كبح هذا الطموح، لكن ذلك يتطلب قطع الدعم الأمريكي العسكري والاقتصادي، وهو أمر مستبعد حالياً.

على المدى الطويل، إذا استمر نتنياهو، قد يُحقق “إسرائيل الكبرى” جزئياً، لكن بكلفة عالية تشمل حرب إقليمية محتملة مع إيران وحلفائها، وخسارة الدعم العربي لاتفاقيات أبراهام.

في النهاية، نجاح نتنياهو يعتمد على استمرار دعم ترامب، فأي تراجع أمريكي قد يُوقف الخطة، وإلا ستظل إسرائيل في عزلة متزايدة، مع فلسطينيين يدفعون الثمن الأكبر.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *