هل يموت نظام الملالي في إيران ببطء؟

هل يموت نظام الملالي في إيران ببطء؟

ماذا حدث؟

في أعقاب حرب الاثني عشر يوماً مع إسرائيل في مايو 2025، كثّفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية محاولاتها لاستنهاض النزعة القومية لتعزيز شرعيتها المتآكلة. كشفت طهران في يوليو عن تمثال برونزي ضخم لـ”آرش الرامي” في ميدان ونك، رمزاً للتضحية الوطنية، مستحضرة التاريخ الفارسي ما قبل الإسلامي في دعايتها، كما في خطاب المرشد علي خامنئي خلال محرم، الذي مزج بين الرموز الشيعية والقومية، وفي دبوس خريطة إيران الذي ارتداه الرئيس مسعود بزشكيان في الأمم المتحدة.

أعادت السلطات نشيد “إي إيران” الوطني مع تعديلات، وحاولت توظيف أغنية “برايه” الاحتجاجية، لكن هذه المساعي قوبلت باستهجان شعبي، حيث يرى 80% من الإيرانيين، بحسب تقديرات، أن النظام غير شرعي.

تصاعد القمع مع اعتقال 21 ألف معارض وتنفيذ ألف إعدام منذ يناير، وطرد نصف مليون لاجئ أفغاني بتهمة التعاون مع “الموساد”.

اندلعت احتجاجات في مقاطعة فارس ضد إنفاق النظام على وكلاء خارجيين، مع هتافات مثل “لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران”، وأزمات مياه وكهرباء غير مسبوقة عطلت الحياة اليومية.

لماذا هذا مهم؟

تعكس هذه التطورات هشاشة النظام الإيراني، الذي يواجه أزمة وجودية بعد فشله في استيعاب الغضب الشعبي الناتج عن سوء الإدارة، الفساد، والعزلة الدولية عقب العقوبات والهزيمة في الحرب.

أهميتها تكمن في تحول الجمهورية الإسلامية من إيديولوجيا دينية إلى قومية متعثرة، محاولةً استعادة دعم شعبي فقدته منذ انتفاضة “المرأة، الحياة، الحرية” عام 2022، التي عززت المعارضة بقيادة شخصيات مثل نرجس محمدي.

اقتصادياً، يفاقم انهيار الريال ونقص الموارد الأزمة، حيث أدى الجفاف وسوء إدارة المياه إلى تحذيرات من نفادها في طهران، بينما يعيش المواطنون انقطاعات كهرباء كارثية في بلد غني بالنفط والغاز.

سياسياً، يعكس رفض الإصلاحيين في “الجبهة الإصلاحية” وإدانة صحيفة “كيهان” انقسام النخب، مما يقوض قدرة النظام على مواجهة ضغوط إسرائيلية-أمريكية.

إقليمياً، يهدد هذا الضعف بتصعيد جديد، حيث تستعد إيران عسكرياً عبر مناورات وإعادة تفعيل “مجلس الدفاع الوطني”، لكنها تبدو غير قادرة على تحمل حرب أخرى.

ماذا بعد؟

مع استمرار الاستعدادات العسكرية، بما في ذلك تعزيز منشآت نووية مثل “جبل الفأس”، قد تلجأ إيران إلى تصعيد غير مباشر عبر وكلاء لتجنب حرب مباشرة، لكن هذا يخاطر برد إسرائيلي مدمر.

بديل آخر هو التفاوض مع ترامب لتخفيف العقوبات مقابل تعليق النووي، لكن ذلك قد يُنظر إليه كضعف داخلي، مما يغذي الاحتجاجات.

المعارضة، بدعم من ناشطين مثل مير حسين موسوي، تدفع نحو استفتاء لإنهاء النظام، مستفيدة من الغضب الشعبي.

إذا تفاقمت أزمات المياه والكهرباء، قد تنفجر انتفاضة جديدة، خاصة في ظل مرحلة ما بعد خامنئي.

في النهاية، يموت النظام “بألف جرح”، حيث قد تكون أي أزمة – اقتصادية، بيئية، أو عسكرية – قاتلة، مفتتحةً إيران على احتمالات إما إصلاح جذري أو انهيار كامل.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *