ماذا حدث؟
تشهد ليبيا أزمة اقتصادية وسياسية عميقة، وصفتها تقارير بأنها الأسوأ منذ وقف إطلاق النار عام 2020، الذي أنهى الحرب الأهلية بين حكومة طرابلس والجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في الشرق.
اختفت مليارات الدولارات من الخزينة العامة، حيث كشف تقرير الأمم المتحدة وتحقيق لصحيفة “فاينانشيال تايمز” عن صفقات غير شفافة لمقايضة النفط الليبي بالديزل، مما أدى إلى خسارة إيرادات ضخمة من البنك المركزي.
كما أشار مكتب التدقيق الليبي إلى عجز كبير في إيرادات النفط، وسط تحقيقات مع رئيس مكتب استرداد الأصول بتهم فساد.
سياسيًا، يستمر الجمود مع بقاء عبد الحميد الدبيبة رئيسًا للوزراء منذ 2021، وسيطرة الجيش الليبي على الشرق، دون تقدم نحو انتخابات وطنية أو حكومة موحدة.
يفاقم التدخل الأجنبي، خاصة من روسيا وتركيا، الوضع، حيث تعزز روسيا نفوذها عبر قوات “فاغنر” (الآن أفريكا كور)، بينما تدعم تركيا قوات الغرب.
في هذا السياق، تشير تقارير إلى أن إدارة ترامب قد تفرض عقوبات على القادة الليبيين للضغط من أجل تشكيل حكومة تكنوقراطية، مع التركيز على مكافحة الفساد وتقليص النفوذ الروسي.
لماذا هذا مهم؟
تُعد ليبيا، بثروتها النفطية، دولة يمكن أن تكون مزدهرة، لكن الفساد وسوء الإدارة حولاها إلى “كليبتوقراطية”، حيث يستغل القادة الأصول العامة لتعزيز ثرواتهم الشخصية.
اختفاء المليارات يكشف عن فشل اقتصادي هيكلي، مع إنفاق 20% من الناتج المحلي على دعم الوقود وتوظيف الدولة لمعظم القوى العاملة، مما يغذي التهريب والسوق السوداء.
سياسيًا، يعيق الجمود أي تقدم نحو الاستقرار، بينما يهدد النفوذ الروسي المتنامي، خاصة في منشآت النفط والموانئ، أمن المنطقة.
اقتراح عقوبات من إدارة ترامب يعكس تحولًا محتملاً في السياسة الأمريكية، التي حاولت إدارة بايدن فيها استمالة حفتر دون نجاح.
العقوبات قد تستهدف قادة يعرقلون السلام، مع مراقبة صارمة للميزانية والمؤسسات المالية مثل البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.
لكن هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر، إذ قد تؤدي إلى تعقيد الوضع إذا لم تُدار بعناية، خاصة مع معارضة أوروبية محتملة واعتماد ليبيا على النفط كمصدر دخل رئيسي.
ماذا بعد؟
قد تلجأ إدارة ترامب إلى فرض عقوبات على قادة ليبيين، إذا لم يلتزموا بخطوات ملموسة لتشكيل حكومة تكنوقراطية خلال فترة زمنية محددة، ربما شهرين، كما اقترح بن فيشمان، المحلل بمعهد واشنطن.
هذه العقوبات قد تشمل تجميد أصول أو حظر سفر، مع التركيز على تقليص النفوذ الروسي وتعزيز الشفافية المالية.
ومع ذلك، فإن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على عوامل عدة: أولاً، قدرة الولايات المتحدة على حشد دعم دولي، خاصة من أوروبا، التي قد تفضل نهجًا دبلوماسيًا تقليديًا.
ثانيًا، استجابة القادة الليبيين، وثالثًا، التأثير الاقتصادي، إذ قد تؤدي العقوبات إلى تفاقم الأزمة إذا أثرت على إنتاج النفط.
بدلاً عن ذلك، قد يحول ترامب الملف الليبي إلى أوروبا إذا فشلت العقوبات، كما يشير تصريح نائب الرئيس فانس عن “عدم إنقاذ أوروبا مرة أخرى”.
في غضون ذلك، يظل التدخل الأجنبي، خاصة من روسيا وتركيا، عقبة رئيسية، مما يتطلب دبلوماسية دقيقة لمنع تصعيد التوترات، لأنه دون حل عاجل، ستستمر ليبيا في دوامة الفساد والانقسام، مع مخاطر إقليمية متزايدة.