ماذا حدث؟
منذ بداية ولايته الثانية في يناير 2025، اعتمد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استراتيجية عسكرية تعتمد بشكل كبير على القوة الجوية لمواجهة الحوثيين في اليمن.
بدأت الحملة الجوية في 15 مارس 2025، بهدف “القضاء التام” على الحوثيين واستعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر، التي عطّلها الحوثيون احتجاجاً على الحرب الإسرائيلية في غزة.
استهدفت الغارات الجوية الأمريكية، التي بلغت أكثر من 800 هدف بحلول أبريل 2025، مواقع عسكرية، قادة، ومنشآت تصنيع أسلحة تابعة للحوثيين، بتكلفة تجاوزت مليار دولار.
ومع ذلك، لم تحقق الحملة أهدافها، حيث استمرت هجمات الحوثيين على السفن الأمريكية وإسرائيل، بما في ذلك صاروخ اقترب من مطار بن غوريون في 4 مايو 2025.
تزايدت الخسائر البشرية، حيث أفادت وزارة الصحة التي يديرها الحوثيون بمقتل 53 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، وإصابة 98 آخرين في غارات أولية.
لماذا هذا مهم؟
تشير الأدلة إلى أن ترامب قد يكون معرضاً للوقوع في ما يُعرف بـ”فخ القوة الجوية”، وهو مصطلح يصف المواقف التي تكون فيها الأهداف العسكرية كبيرة للغاية بحيث لا تستطيع القوة الجوية وحدها تحقيقها، مما يؤدي إلى تصعيد قد يشمل إشراك قوات برية أو حلفاء محليين.
التاريخ الأمريكي مليء بأمثلة مماثلة، مثل حرب فيتنام والبلقان وسوريا والعراق.
في اليمن، تظهر العلامات المبكرة أن حملة ترامب تواجه تحديات مماثلة:
– فشل الردع: على الرغم من الغارات المكثفة، لم تتوقف هجمات الحوثيين، ولا تزال الملاحة في البحر الأحمر معطلة، فقد أظهر الحوثيون مرونة ملحوظة.
– تعزيز مكانة الحوثيين: الغارات، التي تسببت في سقوط ضحايا مدنيين، بما في ذلك هجوم على مخيم للمهاجرين الأفارقة، عززت الدعم الشعبي للحوثيين داخل اليمن.
– التكاليف الباهظة: استهلكت الحملة كميات كبيرة من الذخائر المحدودة، مما يثير تساؤلات حول استدامتها.
– مخاطر التصعيد: يفكر ترامب في تصعيد العمليات من خلال تسليح وتدريب قوات المقاومة المناهضة للحوثيين، البالغ عددها 85,000 مقاتل، مقارنة بـ350,000 مقاتل لدى الحوثيين.
هل سيؤدي ذلك إلى حرب شاملة؟
احتمال اشتعال الحرب تعتمد على عدة عوامل:
– الضغط السياسي: قد يدفع فشل الحملة الجوية ترامب لتصعيد العمليات لتجنب “الهزيمة”، خاصة مع تصريحاته العنيفة مثل “سنهلك عليكم الجحيم” إذا لم يتوقف الحوثيون، كما أن إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية يعكس موقفاً متشدداً قد يحد من خيارات التراجع.
– قوة الحوثيين: أظهر الحوثيون قدرة على الصمود والرد، حيث أطلقوا 18 صاروخاً وطائرة مسيرة على حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس هاري إس ترومان”، رغم عدم نجاح الهجوم. تصريحات زعيمهم عبد الملك الحوثي تشير إلى استعدادهم لـ”التصعيد مقابل التصعيد”.
– الديناميكيات الإقليمية: ربط الحوثيون هجماتهم بوقف الحرب في غزة، وفقد توقفت هجماتهم خلال هدنة غزة في يناير 2025، لكنهم استأنفوا التهديدات بعد حصار إسرائيل للمساعدات ورفضها تمديد الهدنة، مما يشير أن حل الصراع في غزة قد يخفف التوترات في اليمن.
– موقف إيران: على الرغم من دعم إيران للحوثيين، أكد قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي أن الحوثيين يتخذون قراراتهم بشكل مستقل، ومع ذلك، هدد ترامب إيران بالمسؤولية الكاملة، مما يزيد من مخاطر التصعيد الإقليمي.