هل من الممكن التوصل لاتفاق نووي مع إيران؟

#image_title

ماذا حدث؟

في خضم تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران، ألقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب حجراً في مياه العلاقات الراكدة عبر إعلانه عن رغبته في إعادة إحياء مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران.

خطوة ترامب جاءت من خلال رسالة مباشرة بعثها إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، يحثه فيها على العودة إلى طاولة الحوار، محذراً في الوقت ذاته من عواقب قد تصل إلى مواجهة عسكرية إن استمرت طهران في تطوير برنامجها النووي دون رقابة.

الرسالة أثارت اهتماماً واسعاً بعد أن أوضح ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، أن الهدف الأساسي منها هو تفادي نشوب نزاع مسلح وبناء أرضية للثقة مع النظام الإيراني.

تصريحات ويتكوف، التي جاءت في مقابلة على منصة “إكس”، أكدت أن الرسالة لم تكن تهديدية بل حملت روح المبادرة السلمية.

بالتزامن مع هذه التطورات، كشفت وسائل إعلام أميركية عن تحركات دبلوماسية بين تل أبيب وواشنطن، إذ يجري وفد إسرائيلي رفيع مشاورات استراتيجية في البيت الأبيض لمناقشة الملف الإيراني، مع التركيز على مهلة الشهرين التي وضعها ترامب لإنجاز اتفاق جديد أو مواجهة ما وصفه بـ”تداعيات جسيمة”.

في المقابل، جاء رد خامنئي حاسماً برفضه أي مفاوضات تحت وطأة الضغوط، ما أعاد إلى الأذهان “أزمة الثقة” القديمة بين طهران وواشنطن، والتي تعمقت بعد انسحاب الإدارة الأميركية السابقة من اتفاق 2015 النووي.

لماذا هذا مهم؟

تأتي هذه التحركات في وقت حساس تمر به المنطقة، حيث تصاعدت المخاوف من انزلاق الشرق الأوسط إلى موجة جديدة من الصراع.

الخطوة الأميركية بإرسال رسالة مباشرة لخامنئي تعكس محاولات إدارة ترامب للحفاظ على تأثيرها في رسم معالم السياسة الخارجية، خاصة فيما يخص البرنامج النووي الإيراني.

الخبراء والمحللون السياسيون يرون أن المعضلة الكبرى تكمن في عمق الخلافات الاستراتيجية بين الطرفين، حيث يطالب الأميركيون إيران بتقليص نفوذها الإقليمي وكبح برنامجها الصاروخي، في حين تصر طهران على رفع العقوبات الاقتصادية قبل الدخول في أي مفاوضات.

وفي هذا السياق، يبرز تخوف طهران من أن أي اتفاق مستقبلي قد يكون عرضة للانهيار، كما حدث مع الاتفاق السابق بعد انسحاب ترامب منه عام 2018.

التحدي الأكبر، وفق المراقبين، فهو الغطاء الدولي الذي قد تفتقر إليه أي تسوية جديدة، إذ أن مواقف روسيا والصين وبعض الدول الأوروبية قد تتباين بشأن جدوى إحياء اتفاق لا يضمن استقراراً طويل الأمد، وسط معارضة إقليمية من بعض العواصم الخليجية التي تصر على تضمين أي اتفاق قيوداً صارمة على النفوذ الإيراني في المنطقة.

ماذا بعد؟

التطورات الأخيرة تضع الملف الإيراني على مفترق طرق، إذ تشير المعطيات إلى أن فرص التوصل لاتفاق شامل لا تزال محدودة، في ظل التباعد الكبير في المواقف وتعدد اللاعبين المؤثرين في المشهد الإقليمي والدولي.

الأنظار تتجه الآن إلى رد طهران الرسمي على رسالة ترامب، خصوصاً بعد أن أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن بلاده تدرس مضمون الرسالة بجوانبها “الإيجابية والسلبية”، مع تلميحات باحتمالية التريث حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة عام 2028، أملاً في مجيء إدارة جديدة قد تكون أكثر استعداداً لتقديم تنازلات.

لكن واقعياً، يرى الخبراء أن إيران، التي خسرت بعض أدوات نفوذها الإقليمي عقب الضربات المتكررة لحلفائها في لبنان وسوريا واليمن، قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم استراتيجيتها، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية غير المسبوقة، والتي قد تجبرها على الانفتاح بشكل أكبر على المفاوضات.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *