ماذا حدث؟
في 8 ديسمبر 2024، سقط نظام بشار الأسد بعد هجوم خاطف قادته جماعة حياة تحرير الشام (HTS) بقيادة أحمد الشرع، مما أدى إلى فرار الأسد إلى موسكو حيث منحته روسيا اللجوء.
على الرغم من الدعم الروسي الطويل للأسد منذ 2015، لم تتدخل موسكو لإنقاذه، بل وقفت قواتها جانباً أثناء التقدم المعارض، مع الحفاظ على قواعدها في حميميم الجوية وطرطوس البحرية.
بعد سقوطه، لم تقطع السلطات السورية الجديدة العلاقات مع روسيا، بل أجرت مراجعة داخلية للاتفاقيات السابقة، مع تعليق معظمها لكن دون إلغاء المعاهدات الرئيسية.
في أكتوبر 2025، زار الشرع موسكو لأول مرة، ولقي بوتين، حيث أكد الشرع رغبة دمشق في “إعادة تعريف العلاقات” للحفاظ على الاستقلال والوحدة السورية، بينما أعرب بوتين عن رغبة في توسيع التعاون.
اليوم، تبقى روسيا شريكاً أمنياً واقتصادياً رئيسياً، مع استمرار الوجود العسكري وإمدادات الحبوب والأسلحة.
لماذا هذا مهم؟
سقوط الأسد كان ضربة لروسيا، التي رأت فيه حليفاً استراتيجياً يُعزّز نفوذها في الشرق الأوسط وأفريقيا، لكنه لم يؤدِ إلى خسارة كاملة.
الحفاظ على القواعد الاثنتين يُبقي موسكو لاعباً رئيسياً في شرق المتوسط، حيث تُستخدم كمُنصّة للعمليات في ليبيا وأفريقيا، وكوسيلة للضغط على إسرائيل وتركيا.
اقتصادياً، روسيا تُغطي 50% من واردات سوريا من الحبوب، وتُقدّم دعماً عسكرياً، مما يُساعد دمشق في مواجهة الفراغ الأمني.
سياسياً، يُظهر براغماتية الشرع في عدم القطيعة مع روسيا كوسيلة لموازنة النفوذ التركي والإسرائيلي، بينما تُستفيد موسكو من سوريا كـ”بوابة” للجنوب العالمي دون تكاليف عالية.
هذا الاستقرار يُقلل من مخاطر الفراغ الذي قد يملأه إيران أو الجماعات المتطرفة، لكنه يُثير مخاوف أمريكية من استمرار النفوذ الروسي رغم سقوط حليفه.
ماذا بعد؟
مع مرور عام، ستستمر العلاقات الروسية-السورية في التطور نحو شراكة “مرنة”، مع تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي، وربما تحويل القواعد إلى “مراكز إنسانية” لدعم إعادة الإعمار.
في 2026، قد تُوقّع دمشق اتفاقيات جديدة لإمدادات أسلحة وطاقة، مقابل دعم روسي في مجلس الأمن.
إذا نجح الشرع في الاستقرار، ستُصبح سوريا “لاعباً إيجابياً” في المنطقة كما وصفتها روسيا، لكن أي تصعيد مع إسرائيل أو تركيا قد يُجبر موسكو على اختيار حليف.
على المدى الطويل، بوتين لم يخسر سوريا، بل حولها إلى شريك براغماتي يُخدم مصالحه دون التزامات سابقة، مما يُعزّز موقعه في الشرق الأوسط رغم الخسارة التكتيكية للأسد.