ماذا حدث؟
في الأيام الأخيرة من أبريل 2025، تصاعدت التوترات في جنوب لبنان مع تكرار حوادث اعتراض دوريات قوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) من قبل سكان محليين في بلدات مثل العباسية، قانا، صديقين، بنت جبيل، وطيردبا.
وثّق ناشطون مقاطع فيديو تُظهر الأهالي يعترضون الدوريات، مرددين هتافات ترفض تحركات اليونيفيل بدون مرافقة الجيش اللبناني، معتبرين ذلك خرقًا للقرار 1701.
في 25 أبريل، أفادت اليونيفيل أن دورية في طيردبا تعرضت للاعتراض مرتين، مع ملاحقة مؤقتة للجنود، لكنهم واصلوا مهمتهم بعد تغيير المسار.
الحوادث ليست جديدة، لكن وتيرتها المتسارعة أثارت تساؤلات حول طبيعتها، خاصة مع اتهامات لحزب الله بتحريض الأهالي.
في فبراير 2025، تعرضت قافلة يونيفيل لهجوم عنيف قرب مطار بيروت، مما أدى إلى إصابة نائب قائد القوة وإحراق مركبة، ما يعكس تصاعد التوترات خارج نطاق الجنوب.
لماذا هذا مهم؟
الاعتراضات تثير جدلاً حول دوافعها وتأثيرها على دور اليونيفيل، المكلفة بمراقبة الخط الأزرق ودعم الجيش اللبناني بموجب القرار 1701 منذ 2006.
المحلل السياسي مكرم رباح يرى أنها ليست احتجاجات شعبية عفوية، بل “تكتيكات سياسية” يقودها حزب الله لتقويض شرعية اليونيفيل، متهمًا إياها بالتآمر، وهو خطاب يتقاطع بشكل مثير للقلق مع الرواية الإسرائيلية التي تتهم اليونيفيل بالتواطؤ مع حزب الله.
في المقابل، يؤكد العميد المتقاعد ناجي ملاعب أن استياء الأهالي ينبع من إخفاقات اليونيفيل في منع الخروقات الإسرائيلية خلال “حرب الإسناد” 2023-2024، التي خلّفت آلاف الضحايا ودمارًا واسعًا.
تحركات اليونيفيل بدون تنسيق مع الجيش يُعتبر خرقًا للقرار 1701، مما يغذي الغضب المحلي. هذه الأحداث تهدد بإضعاف قدرة اليونيفيل على تنفيذ مهامها، وقد تُستغل للمطالبة بإنهاء وجودها، خاصة مع ضغوط إسرائيلية لتعديل أو إلغاء تفويضها، ورفض فرنسي لهذا التوجه خشية تحول البعثة إلى طرف في النزاع.
ماذا بعد؟
مستقبل اليونيفيل على المحك مع اقتراب تجديد ولايتها في أغسطس 2025، وقد يستغل حزب الله الحملات ضدها لدفع الإدارة الأمريكية وإسرائيل للمطالبة بإنهاء البعثة، مستفيدًا من مبررات مثل فشلها في نزع سلاح حزب الله.
أما إسرائيل، التي دعت منذ 2023 لاستبدال اليونيفيل بقوة متعددة الجنسيات ذات مهام قتالية، قد تجد في الاحتجاجات ذريعة لتصعيد مطالبها.
ومع ذلك، يبقى دعم دول مثل فرنسا حاسمًا للحفاظ على اليونيفيل كقوة حفظ سلام محايدة.
على المدى القريب، يجب على اليونيفيل تعزيز التنسيق مع الجيش اللبناني لتخفيف التوترات المحلية، كما يحتاج لبنان إلى مفاوضات مع الأمم المتحدة لتوضيح دور اليونيفيل وتجنب التصعيد.
إذا استمرت الاحتجاجات، فقد تتحول إلى أداة سياسية تُعرقل الاستقرار في الجنوب، مما يهدد بإعادة إشعال الصراع على الخط الأزرق، خاصة مع استمرار الخروقات الإسرائيلية.