هل تنضم إندونيسيا لاتفاقيات إبراهام؟

هل تنضم إندونيسيا لاتفاقيات إبراهام؟

ماذا حدث؟

في سبتمبر 2025، ألقى الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو خطابه الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث دعا إلى “ضمان أمن إسرائيل” كـ”شرط للسلام الحقيقي”، وأعلن دعمه لحل الدولتين، مُبدئاً كلماته بـ”شالوم” العبرية.

كان هذا موقفاً غير مسبوق لأكبر دولة إسلامية في العالم، التي لا تعترف بإسرائيل رسمياً منذ استقلالها عام 1945. سبق ذلك تصريح سوبيانتو في مايو 2025 بأن إندونيسيا “مستعدة للاعتراف بإسرائيل” إذا أقامت دولة فلسطينية مستقلة، أثناء مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

حضر سوبيانتو قمة شرم الشيخ في 13 أكتوبر لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة برعاية أمريكية، لكنه عاد مباشرة إلى جاكرتا دون زيارة إسرائيل رغم شائعات إعلامية إسرائيلية عن خطط مرتقبة.

نفت وزارة الخارجية الإندونيسية أي زيارة، مؤكدة الالتزام بموقفها التقليدي، رغم أن نتنياهو ألغى جلسة محاكمة لـ”زيارة دبلوماسية عاجلة”. في الوقت نفسه، منعت إندونيسيا رياضيين إسرائيليين من بطولة جمباز عالمية في أكتوبر، ورفعت دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مما يعكس توازناً بين التقارب الدبلوماسي والرفض الشعبي.

لماذا هذا مهم؟

يمثل موقف سوبيانتو تحولاً براغماتياً في سياسة إندونيسيا الخارجية، التي اعتمدت مبدأ “الحرية النشطة” (Bebas Aktif) منذ مؤتمر باندونغ 1955، مما يجعلها حيادية في النزاعات. أهميته تكمن في أن إندونيسيا، بـ270 مليون نسمة (87% مسلمين)، تُمثل صوتاً رئيسياً في العالم الإسلامي، وتقاربها مع إسرائيل يُعزز فرص توسيع اتفاقات إبراهيم (التي شملت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان)، خاصة مع دعم أمريكي ترامبي لـ”سلام إقليمي”.

اقتصادياً، يرتبط ذلك بطموح جاكرتا للانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، حيث تعترض إسرائيل (عضو) على طلبها بدون علاقات دبلوماسية، كما أفادت يديعوت أحرونوت في أبريل 2025.

سياسياً، يُعزز التصريح صورة سوبيانتو كقائد طموح يُركز على الاستقرار الإقليمي، لكنه يُثير غضباً داخلياً، حيث يُدين الشعب إسرائيل بسبب غزة، كما في تظاهرات جاكرتا 2024.

إقليمياً، يُعقد الوضع مع السعودية، التي تشترط دولة فلسطينية للتطبيع، مما يجعل إندونيسيا “اختباراً” للتوسع الإبراهيمي.

ماذا بعد؟

مع نفي الزيارة، من المتوقع أن يستمر التقارب السري عبر محادثات غير رسمية برعاية أمريكية، خاصة مع دعوة ترامب لإندونيسيا للانضمام إلى اتفاقات إبراهيم، مقابل دعم لعضوية OECD.

قد يؤدي ذلك إلى فتح مكاتب تجارية أو ثقافية كخطوة أولى، لكن الرفض الشعبي يُحد من التقارب السريع، خاصة مع دعوى محكمة العدل الدولية.

إذا أقامت السعودية علاقات، ستُمنح إندونيسيا غطاءً إسلامياً للانضمام، مما يُعزز التجارة (500 مليون دولار سنوياً غير رسمية حالياً).

داخلياً، سيُركز سوبيانتو على التوازن بين الطموح الاقتصادي والدعم الفلسطيني، ربما عبر إرسال قوات حفظ سلام (20 ألف جندي مقترح) إلى غزة.

في النهاية، يعتمد الانضمام على تقدم حل الدولتين، حيث قد يُصبح إندونيسيا “عضواً” بحلول 2026 إذا نجحت المفاوضات، أو يبقى موقفها حيادياً إذا تصاعد الرفض الشعبي، مما يُعيق طموحاتها الدولية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *