بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، بدأ الرئيس المؤقت أحمد الشرع، قائد هيئة تحرير الشام (HTS)، في تشكيل جيش وطني موحد، وهي مهمة محفوفة بالتحديات بسبب التشرذم العسكري والاقتصادي الهائل في سوريا
ماذا حدث؟
مع انهيار نظام الأسد، تفكك الجيش السوري وأجهزة المخابرات، تاركًا فراغًا عسكريًا سيطرت عليه فصائل مسلحة متنوعة، مثل هيئة تحرير الشام (40,000 مقاتل)، الجيش الوطني السوري (SNA) المدعوم تركيًا، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بـ50,000 مقاتل، والفصائل الدرزية في السويداء.
تضم هيئة تحرير الشام مقاتلين أجانب (مثل حزب تركستان الإسلامي بـ3,500 مقاتل)، مما يعقد عملية الدمج.
أعلن الشرع في “مؤتمر النصر” (29 يناير 2025) عن خطة لدمج الفصائل تحت وزارة الدفاع، بقيادة اللواء مرهف أبو قصرة.
تشمل المرحلة الأولى تجهيز القواعد وتعيين القادة، والثانية إنشاء وحدات متخصصة (دفاع جوي، ومدرعات)، والثالثة دمج الجيش الوطني والقوات الديمقراطية، وفي 17 مايو 2025، أعلن أبو قصرة دمج معظم الوحدات، مع استثناء القوات الديمقراطية والسويداء.
صدرت “مدونة السلوك العسكري” (30 مايو 2025) لضمان انضباط الجيش وحماية المدنيين، مع التركيز على السيادة الوطنية والقيم السورية، كما تم تشكيل الفرقة 84 لدمج المقاتلين الأجانب (تصل إلى 30,000 مقاتل) كوحدة قوات خاصة في الجبال الساحلية.
تتفاوض تركيا لإنشاء قواعد جوية (في T4 وتدمر) ونشر أنظمة دفاع جوي مثل “حصار”، بينما عرضت الأردن تدريب القوات، كما دعمت الولايات المتحدة، بعد رفع العقوبات في 13 مايو 2025 دمج المقاتلين الأجانب بشرط المراقبة، بينما تظل روسيا موردًا محتملاً للأسلحة.
لماذا هذا مهم؟
يُعد الجيش الموحد ركيزة لاستعادة السيطرة الحكومية على الأراضي السورية، خاصة مع سيطرة القوات الديمقراطية على ثلث البلاد وموارد النفط والمياه. بدون جيش قوي، قد تستمر الفوضى أو تنشأ انفصالات إقليمية.
يثير وجود مقاتلين أجانب وفصائل متباينة مخاوف دول الجوار (إسرائيل وتركيا)، حيث تعتبر إسرائيل القواعد الجوية التركية تهديدًا. جيش وطني موثوق يمكن أن يقلل التوترات الإقليمية.
ومع تصاعد هجمات داعش ووجود خلايا نائمة، يحتاج الجيش لمواجهة هذه التهديدات، خاصة مع استمرار القوات الديمقراطية في احتجاز 9,000 سجين داعش.
لكن الجيش الجديد يعاني من نقص المعدات بسبب الأزمة الاقتصادية وتدمير إسرائيل للأصول العسكرية، ولذلك يعد الاعتماد على تمويل خارجي من دول الخليج ضروري، لكنه مشروط بالإصلاحات.
ماذا بعد؟
تظل المفاوضات مع قسد وفصائل السويداء حاسمة، حيث وافقت قسد مبدئيًا على الاندماج في10 مارس 2025، لكن التفاصيل عالقة بسبب مطالبها بالبقاء ككتلة متميزة، أما فصائل السويداء تحتاج إلى تسوية سياسية لضمان عدم تهميش الدروز.
ويُشكل استبعاد 70,000 ضابط وجندي علوي مخاطر أمنية، كما حدث في هجمات الساحل في مارس 2025، ويتطلب الأمر سياسات شمولية لتجنب الانتقام الطائفي وإعادة دمج المؤهلين.
ويحتاج الجيش إلى عقيدة مشتركة تحدد التهديدات داخلية أو خارجية وتتجاوز الانقسامات الأيديولوجية (إسلامية، وقومية، وطائفية)، لأن غيابها قد يعزز الشكوك بأن الجيش يخدم أجندة هيئة تحرير الشام.