هل تبدأ مرحلة جديدة من العلاقات بين الخليج وحزب الله؟

هل تبدأ مرحلة جديدة من العلاقات بين الخليج وحزب الله؟

ماذا حدث؟

في خطوة غير مسبوقة، دعا الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، في خطاب بثته قناة المنار يوم 19 سبتمبر 2025، السعودية إلى “فتح صفحة جديدة” وتنحية الخلافات جانباً، مشدداً على أن الحوار يجب أن يُبنى على اعتبار إسرائيل “العدو المشترك”، وأن الضغط على “المقاومة” يُصب في مصلحتها.

اقترح قاسم 6 نقاط تشمل تجميد الخلافات الماضية، والتعاون في مواجهة إسرائيل، ودعم الاستقرار الإقليمي، مستنداً إلى “المرحلة الاستثنائية” بعد غارة إسرائيل على الدوحة وتوسع “إسرائيل الكبرى” لتشمل السعودية واليمن.

أثار الخطاب تفاعلاً واسعاً على وسائل التواصل، مع استغراب من نشطاء لبنانيين وسعوديين، بينما أكد مصادر إيرانية لوكالة رويترز أن الدعوة جاءت بدعم طهراني خلف الأبواب المغلقة، لتخفيف الضغوط الدولية على الحزب بعد الحرب مع إسرائيل وسقوط الأسد.

ردت السعودية بصمت رسمي، لكن محللون أكدوا أن الرياض تتعامل مع الدولة اللبنانية لا الميليشيات، في سياق تصنيف الحزب إرهابياً منذ 2016، وتجميد العلاقات بعد أزمة قرداحي 2021.

لماذا هذا مهم؟

يُمثل الدعوة تحولاً براغماتياً لحزب الله، الذي كان يُهاجم السعودية بعنف منذ 2002، مُعتبراً إياها “خائنة” لـ”المقاومة”، خاصة خلال حرب اليمن 2015، حيث ردد أنصاره “الموت لآل سعود”.

أهمية الدعوة تكمن في أنها تأتي في لحظة ضعف للحزب بعد اغتيال نصر الله وخسائر عسكرية كبيرة أمام إسرائيل، وسقوط الأسد الذي قطع خطوط إمداده، مما يُجبره على “ارتداء البدلة السياسية” لإعادة بناء علاقاته.

كما تُعكس استراتيجية إيرانية للتقارب مع الخليج، بعد زيارة لاريجاني للرياض، لتخفيف الضغوط الاقتصادية والعقوبات، مع استغلال الاعترافات بدولة فلسطين لتعزيز “الجبهة الموحدة” ضد إسرائيل.

بالنسبة للخليج، يُثير الدعوة تساؤلات حول جديته، حيث تُصنّف بعض الدول الحزب إرهابياً بسبب تورطه في تفجيرات 1983 وتجسس 2016، وتهريب مخدرات، مما يُهدد الاستقرار اللبناني الذي تُدعمه الرياض بمليارات الدولارات.

هذا التحول يُقسّم الرأي العام اللبناني، بين مؤيدين يرونه “حكمة” ومعارضين يخشون “خدعة” لإطالة عمر الحزب.

ماذا بعد؟

مع استمرار التوترات، يُتوقع أن تُحافظ السعودية على موقفها الثابت بالتعامل مع الدولة اللبنانية، ربما عبر وساطة إيرانية أو قطرية في أكتوبر 2025، لكن رفض نزع سلاح الحزب سيُبقي الدعوة رمزية.

قد يُؤدي التقارب إلى حوار غير مباشر حول لبنان، مع دعم سعودي لإعادة الإعمار مقابل ضمانات أمنية، لكن الفشل سيُعمق العزلة الحزبية.

على المدى الطويل، إذا نجح التقارب، قد يُفتح باب لتسوية إقليمية تشمل غزة، مُخفّفاً الضغوط على إيران، لكن الاستمرار في العداء سيُطيل التوترات.

في النهاية، يعتمد الأمر على إيران؛ فإذا دَعَمَتْ التقارب، قد يُصبح حقيقياً، وإلا سيبقى مناورة لكسب الوقت.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *