ماذا حدث؟
تعيش نواكشوط، عاصمة موريتانيا، على وقع أزمة مياه خانقة، دفعت الآلاف من السكان للخروج في طوابير طويلة بحثًا عن صهاريج ماء أو التنقل من حي إلى آخر على أمل إيجاد مصدر يروي ظمأهم، في مشهد يومي يعكس حجم المعاناة المتفاقمة.
انقطاع حاد وتراجع في الإمدادات
تعود بداية الأزمة إلى توقف مفاجئ في ضخ المياه من محطات الإنتاج الواقعة على أطراف العاصمة، وهو ما أثّر بشكل مباشر على أكثر من نصف المشتركين في شبكة التوزيع، وفق ما أعلنت الجهات الرسمية.
الحكومة أرجعت السبب إلى الارتفاع الكبير في نسبة الطمي بنهر السنغال، الذي يُعد المصدر الأساسي لتزويد العاصمة بالمياه، ما أدى إلى اضطراب حاد في عمليات الضخ نحو المدينة.
أكثر من مليون متأثر ومشاهد يومية للمعاناة
مع توسع الأزمة، طالت تأثيراتها قرابة مليون شخص يقيمون في نواكشوط، حيث تحولت الحياة اليومية إلى رحلة شاقة للبحث عن المياه، وسط درجات حرارة مرتفعة وزيادة الطلب الموسمي.
مشاهد الانتظار لساعات أمام صهاريج المياه، والتنقل العشوائي بين الأحياء باتت جزءًا من يوميات سكان العاصمة.
غضب شعبي وانتقادات على مواقع التواصل
الأزمة فجّرت موجة غضب على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر ناشطون عن استيائهم من أداء الحكومة، متهمينها بالفشل في إدارة قطاع المياه.
الناشط سلكوا عبدالله وجّه انتقادًا مباشرًا إلى وزيرة المياه والصرف الصحي، آمال بنت ميبود، قائلاً: “بينما كنتم تقدمون خططًا ومشاريع أمام البرلمان، كانت أغلب أحياء نواكشوط تختنق من العطش.. لا مياه ولا عدالة في التوزيع، فقط فواتير مرتفعة وخدمات غائبة”.
أزمة حقيقية تهدّد حياة الناس
وأضاف عبدالله أن ما يحدث ليس مجرد خلل عابر، بل أزمة متفاقمة تهدد حياة وكرامة المواطنين، في ظل اضطرار بعضهم لاستخدام مصادر مائية غير موثوقة، وسط غياب أي تحرك ملموس لتوفير حلول.
فشل السياسات القديمة يعيد نفسه
من جانبه، قال الناشط محمد أحمد سالم إن ما تشهده نواكشوط حاليًا يفضح فشلًا مستمرًا في سياسات إدارة المياه، مؤكدًا أن المشاريع الحكومية المعلنة منذ سنوات لم تثمر عن نتائج حقيقية.
وأضاف: “من غير المعقول أن تصبح المياه – وهي من أبسط مقومات الحياة – حلمًا بعيد المنال لسكان العاصمة، خصوصًا في عزّ الصيف”.
ردّ رسمي وتبرير مؤقت
في المقابل، أصدرت الشركة الوطنية للماء بيانًا قالت فيه إن الأزمة الحالية مؤقتة، موضحة أن السبب يعود إلى أشغال تنظيف الأنبوب الرئيسي الناقل للمياه من الطمي، ما تطلّب إيقاف عملية الضخ جزئيًا خلال الأيام الماضية.
ماذا بعد؟
رغم تطمينات الشركة، تتسع المخاوف من استمرار الأزمة، خصوصًا مع غياب حلول دائمة وضعف البنية التحتية، ما يهدد بتكرار نفس المشهد مستقبلاً، ويطرح تساؤلات جدية حول مدى استعداد السلطات لمواجهة أزمات مماثلة في ظل تغيّرات مناخية وضغوط سكانية متزايدة.