ماذا يحدث؟
في مشهد يعكس حالة الاحتقان السياسي المتصاعد، شهدت العاصمة التونسية تزامنًا لافتًا بين الذكرى الـ68 لإعلان الجمهورية، والذكرى الرابعة لإجراءات الرئيس قيس سعيّد الاستثنائية التي قلبت المشهد السياسي في البلاد.
المناسبة تحولت إلى فرصة للاحتجاج، إذ خرج مئات التونسيين في مظاهرة وسط العاصمة، حملت شعارات غاضبة من بينها “الجمهورية سجن كبير”، ونددت بما وصفوه بـ”الحكم الفردي” واستمرار حبس المعارضين.
احتجاجات في قلب العاصمة.. “لا رعب لا خوف.. الشارع ملك الشعب”
انطلقت المظاهرة من أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، وسارت باتجاه شارع الحبيب بورقيبة، حيث ردد المتظاهرون هتافات تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتندد بسياسات قيس سعيّد.
المشاركون، ومن بينهم أهالي المعتقلين، رفعوا صور ذويهم وارتدى بعضهم قمصانًا تحمل صور المحامي البارز أحمد صواب المعتقل منذ أشهر، بينما تعالت الهتافات: “الشعب يريد إسقاط النظام” و”نظام كلاه السوس.. هذه مش دولة.. هذه ضيعة محروس”.
قرارات يوليو 2021.. بداية حكم مطلق أم تصحيح مسار؟
في 25 يوليو 2021، جمّد الرئيس سعيّد اختصاصات البرلمان، ثم حل مؤسسات دستورية واعتمد دستورًا جديدًا في استفتاء 2022، عزز سلطاته بشكل كبير.
وحل المجلس الأعلى للقضاء وأقال عشرات القضاة، ما قوبل باتهامات بالسعي لترسيخ الحكم الفردي. سعيّد نفى التدخل في القضاء، مؤكدًا أن “لا أحد فوق المحاسبة”، بينما ترى المعارضة أن الهدف هو قمع الأصوات المخالفة وجعل القضاء أداة بيد السلطة.
“لا قضاء التعليمات”.. هتافات من قلب الغضب الشعبي
رغم حرارة الطقس، شارك ذوو المعتقلين في الاحتجاج مطالبين بالإفراج عن أبنائهم الموقوفين بتهم “سياسية”، مرددين شعارات تندد بخضوع القضاء لسلطة الرئيس.
ويُعد راشد الغنوشي وعبير موسي من أبرز المعتقلين، إلى جانب عشرات من المحامين والنشطاء والصحفيين، الذين يُحاكمون بقوانين الإرهاب والتآمر، بينما تصف المعارضة التهم بأنها “ملفقة ودون سند قانوني”.
“تونس سجن مفتوح”.. شهادة من قلب الألم
صائب صواب، نجل المحامي المعتقل أحمد صواب، وصف المشهد في حديث لوكالة رويترز بقوله: “تونس تحولت إلى سجن مفتوح.. حتى من هم خارج السجون يعيشون في حرية مؤقتة، ويواجهون خطر الاعتقال في أي لحظة ولأي سبب”.
وأضاف أن السجون أصبحت مكتظة بالمعارضين، من نشطاء ومحامين وصحفيين، مشيرًا إلى أن الخوف بات يخيّم على الجميع.
ماذا بعد؟
ورغم استمرار الاحتجاجات، تواجه المعارضة انقسامات أضعفت موقفها في مواجهة السلطة، بينما يواصل الرئيس سعيّد اتهام خصومه بالتآمر مع الخارج ومحاولة ضرب مؤسسات الدولة، متعهدًا بمواصلة مواجهة “الفساد السياسي”.
وفي ظل هذا الاستقطاب، دعا الباحث عبد اللطيف الهرماسي إلى حوار وطني شامل، مؤكدًا أن المرحلة تتطلب توافقًا لا إقصاء.