ماذا حدث؟
رغم مرور سنوات على هزيمة داعش عسكريًا، يبقى الوضع الإنساني والأمني في شمال شرق سوريا جرحًا مفتوحًا، مع بقاء آلاف النساء والأطفال من عائلات مقاتلي التنظيم في مراكز احتجاز ومخيمات، أبرزها مخيم الهول الذي تحول إلى قنبلة موقوتة.
ولمعالجة الملف، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية عن “آلية تنسيق مشتركة” خلال مؤتمر في نيويورك لتسريع إعادة المحتجزين والنازحين إلى دولهم.
وحذّر قائدها، الجنرال براد كوبر، من أن استمرار الوضع يوفر بيئة خصبة لعودة التطرف.
ورغم تراجع عدد سكان المخيم من 70 ألفًا عام 2019 إلى أقل من 30 ألفًا، إلا أن التحدي قائم، خاصة مع وجود عائلات عراقية وسورية وأجانب من أكثر من 50 دولة، ما يجعله قضية عالمية.
لماذا هذا مهم؟
تكمن الخطورة الاستثنائية لمخيم الهول في كونه أكثر من مجرد مخيم للنازحين؛ فقد اصطبغ بسمعة ارتبط اسمه بـ “أخطر مخيم في العالم”.
فأصبح بؤرة لتغلغل الفكر المتطرف وبيئة خصبة لتجنيد العناصر الجديدة، حيث تصفه التقارير الأمنية بأنه “مفرخة” محتملة للجيل القادم من التنظيم.
لا تقتصر المشكلة على المخيم فحسب، بل تمتد إلى 26 سجناً في شرق سوريا تحتجز ما يقارب 12 ألف مقاتل سابق من جنسيات مختلفة، غالبيتهم من الأجانب.
هذا الواقع يخلق تحدياً أمنياً دولياً هائلاً، حيث تتهرب العديد من الدول من استعادة مواطنيها، مما يزيد من خطر تحول هذه السجون إلى أكاديميات للإرهاب.
إلى جانب التهديد الأمني، تمثل القضية معضلة إنسانية صارخة. فالحياة داخل المخيمات تتسم بظروف معيشية قاسية، تتفشى فيها الأمراض والعنف، وتتهاوى فيها أبسط مقومات الحياة الكريمة.
هذا المشهد المأساوي يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لمدى التزامه بحقوق الإنسان، وسط تردد واضح من العديد من الدول في استعادة رعاياها رغم الضغوط المتصاعدة.
ماذا بعد؟
تشير التحركات الأمريكية الأخيرة إلى دخول الملف مرحلة جديدة أكثر إلحاحاً. فـ آلية التنسيق المشتركة تهدف إلى تحفيز عملية الإعادة بشكل منظم وفعال، بدعم من التحالف الدولي.
ومن المتوقع أن تتصاعد الضغوط الدبلوماسية بشكل كبير على الدول، خاصة الغربية والعربية منها، التي تتلكأ في استعادة مواطنيها.
يبدو العراق، الذي يعتبر المخيم تهديداً مباشراً لأمنه القومي، حريصاً على إغلاق مخيم الهول بشكل كامل، معتبراً ذلك ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة.
في نهاية المطاف، فإن السيناريو المستقبلي يتوقف على سرعة استجابة الدول.
فإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن خطر تحول هذه المخيمات والسجون إلى حاضنات لإحياء تنظيم داعش سيظل شبحاً يهدد الأمن العالمي.