ماذا حدث؟
تُعد المخيمات الفلسطينية في لبنان، مثل عين الحلوة، مراكز معقدة تعكس أزمات لبنان والمنطقة.
تضم 13 مخيماً حوالي 200-250 ألف لاجئ، بحسب لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، رغم تسجيل الأونروا لـ480 ألفاً بسبب هجرة الأجيال الجديدة هرباً من الفقر (70%) والبطالة (50%) والقيود القانونية التي تحظر التملك و39 مهنة.
هذه المخيمات، التي تُدار بأنظمة داخلية من فصائل مسلحة مثل فتح وحماس وجماعات جهادية، باتت جزراً أمنية شبه مستقلة، حيث تضعف سيادة الدولة اللبنانية.
في عين الحلوة، تنقسم الأحياء بين فصائل متنافسة، مع مواجهات دموية متكررة، كما في حي حطين الذي تسيطر عليه جماعات متشددة.
تاريخياً، تحول الوضع من ترحيب بالفلسطينيين في الخمسينيات إلى قمع بعد اتفاق القاهرة 1969، ثم انحسار بعد خروج منظمة التحرير 1982.
إعلان الرئيس جوزاف عون ومحمود عباس في مايو 2025 بنزع السلاح خارج سلطة الدولة بقي دون تنفيذ، مع اتهامات لمحور الممانعة بالعرقلة.
لماذا هذا مهم؟
تُظهر المخيمات تداخل الولاءات بين الفصائل الفلسطينية والقوى الإقليمية، خصوصاً إيران عبر حزب الله، مما يجعلها أداة في الصراعات الجيوسياسية.
الفقر واليأس يغذيان التطرف، حيث تجند الفصائل الشباب العاطل، مما يفاقم الفلتان الأمني.
الطائفية تشكل عاملاً رئيسياً، كما في مخيم ضبية المسيحي الذي حظي بامتيازات كالجنسية في الخمسينيات، بينما يُخشى من توطين السنة الفلسطينيين لتغيير التوازن الديمغرافي.
هذا الواقع يعكس ضعف الدولة اللبنانية، حيث استغلت القوى المحلية السلاح الفلسطيني كورقة في صراعاتها، بينما تستغله قوى إقليمية لخدمة أجنداتها.
غياب جبهة لبنانية موحدة يجعل المخيمات ساحة لتصفية الحسابات، مما يهدد استقرار لبنان، خاصة مع الضغوط الأمريكية لنزع سلاح حزب الله والفصائل، التي ترتبط بتطورات إقليمية أوسع.
ماذا بعد؟
إنهاء أزمة المخيمات يتطلب حلاً شاملاً يتجاوز نزع السلاح ليشمل تحسين الظروف المعيشية ومنح الفلسطينيين حقوقاً مدنية، فدون ذلك، سيستمر اليأس في تغذية التطرف.
الخطة المعلنة في مايو 2025 قد تواجه مقاومة من فصائل مدعومة إيرانياً، مما يتطلب تنسيقاً بين الجيش اللبناني وقوات الأمن الفلسطينية مع دعم دولي.
تجربة نهر البارد 2007، التي أودت بحياة 158 جندياً ومدنيين، تدفع لتجنب المواجهات العسكرية.
طرح ملف التوطين قد يُستغل لتبرير السلاح، لذا يجب معالجته بحذر ضمن إطار وطني موحد.
دبلوماسياً، قد يدعم حلفاء مثل السعودية جهود لبنان لاستعادة السيادة، لكن نجاح أي خطة يعتمد على استقرار لبنان السياسي وقدرته على مواجهة التدخلات الإقليمية.
دون توافق داخلي، ستبقى المخيمات قنبلة موقوتة تهدد استقرار بلاد الأرز.